27 شعبان 1436

السؤال

فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك جزاه الله خيرا ونفع الله بعلمه:
نلاحظ عند دخولنا إلى بعض المكاتب الرسمية أو الخاصة أن المسؤولين لديهم شاشات تلفازية مفتوحة على قناة العربية التابعة لقنوات (إم بي سي) وفيها نساء سافرات يقدمن برامج وأخبارا وغيرها، وإذا أنكرنا عليهم ونصحناهم قالوا: إننا نتابع الأخبار والأسهم، فهل لنا أن نترك المناصحة؟ ثم ما حكم النظر إلى المرأة السافرة؟ وهل من نصيحة لمن يتابعون القنوات السيئة لا سيما قنوات (إم بي سي).

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجموعة قنوات (الإم بي سي)، بما فيها قناة العربية مشهورٌ عند العامة والخاصة أنها منابر لنشر الفساد في الأخلاق والاعتقاد، فهي تقوم على بثِّ الشهوات المحرمة، والدعاية لها بالصوت والصورة، تركيزا على عنصر المرأة، وفي الاعتقاد تبث الشبهات المشتملة على تنقُّص أحكام الله والطعن في شرائع الإسلام مما يزرع الشكوك في قلوب المشاهدين، ويزعزعُ إيمانهم بالإسلام وشرائعه وشعائره، وتورثهم الإزراء بالمسلمين، لا سيما المحافظين على أحكام الإسلام وآدابه، وتعظِّمُ حياة المجتمعات الغربية عقائديا وأخلاقيا، وتقدس حضارتهم، وتحقِّرُ المسلمين، وتسمهم بالتخلف، كلُّ ذلك تصريحا أو تلويحا في البرامج الترفيهية أو الإخبارية في جميع قنوات (الإم بي سي) حتى قناة الأطفال منها، وكثيرٌ من برامجها المشربة بروح الإلحاد والفساد بطرق خبيثة ماكرة موجَّهٌ أكثره أو كثير منه إلى مجتمع المملكة العربية السعودية؛ لأنها البلد المحافظ بالقياس إلى سائر البلاد، هذا؛ وإن من المعلوم أن قنوات (الإم بي سي) إنما قصد من إنشائها التأثير على مجتمع المملكة بتغيير هُويته وتميُّزه، فلذلك تنفق الأموال الطائلة على هذه القنوات من قبل من شابهوا الذين قال الله فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)، ولما تقدم نرى تحريم إدخال قنوات (الإم بي سي) وغيرها من قنوات الشر إلى البيوت، فإن ذلك جنايةٌ على الأهل والأولاد، وليتذكر كل راع مسؤوليته ومقامه بين يدي الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته)، وفوق ذلك في الإثم والتحريم العملُ في هذه القنوات (الإم بي سي) في إداراتها ومكاتبها، وأقبح من العمل فيها وأغلظ إثما من يدعم هذه القنوات بالإعلانات فيها، وشرٌّ منهم وأخبث من يدعمها بالمال بأيِّ طريق كان، وعليه؛ فجميع العاملين في تلك القنوات والممولين والداعمين لها شركاء في الإثم، فعلى كل مسلم منهم أن يتوب إلى الله، ويقاطع مؤسسات الإثم والفساد، لعله ينجو يوم الحساب.
وإني هنا أسجل اللقب الذي أحب أن تلقَّب به قنوات (الإم بي سي)، بأنها القنوات الملعونة، هذا؛ ويعلم مما تقدم جواب ماورد في السؤال، وهو تحريم النظر إلى النساء اللاتي يظهرن في هذه القنوات، ونوصي السائل وغيره بمواصلة المناصحة والإنكار وغض البصر والمفارقة للمكان الذي تعرض فيه تلك القنوات إذا انقضت حاجته.
وإن من الجهل الفاضح أن بعض المنتسبين إلى الخير ينصبون الشاشات في مكاتبهم سواء أكانت حكومية أو خاصة، وهي مفتوحة على تلك القنوات الفاسدة من قناة العربية وغيرها، فيشاهدها الزوار والمراجعون، وهم بذلك مشاركون لأصحاب تلك القنوات في الإثم؛ لأنهم بفعلهم ذلك يروجون لتلك القنوات وما تشتمل عليه من أنواع الباطل، ومعلوم أن تلك الشاشات إنما تنصب في المكاتب لتسلية الموظفين والمراجعين وإمتاعهم، مما قد يكون دعاية للعمل في تلك الدوائر، فعلى من مكَّن الله لهم في النفوذ ومَن أعطاهم الله المال أن يتقوا الله، ويسدوا منافذ الشر، وليعلموا أنهم مسؤولون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، يدفع عنهم شرَّ الأشرار وكيدَ الفجار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.