24 رمضان 1436

السؤال

اعتاد كثير من الكتاب والخطباء وأئمة المساجد أن يتحدثوا في اليوم السابع عشر من رمضان من كل عام عن غزرة بدر باعتبار أنها وقعت في مثل هذا اليوم، فما حكم ذلك؟

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فلا ريب أن غزوة بدر حقيقةٌ بتذكير الناس بها، وبما جرى فيها من المقامات العظيمة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدالة على صدق إيمانهم، وما جرى على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات، وما انتهت إليه من نصره تعالى لحزبه وأوليائه على حزب الشيطان وأوليائه، مما فَرَق الله به بين الحق والباطل، لذا سمى الله يومها يوم الفرقان، وأنزل في شأنها سورة تتضمن جوانب من وقائعها وأحكامها، هي سورة الأنفال، ولكن لا ينبغي أن يخص اليوم السابع عشر من رمضان بالحديث عن هذه الغزوة، لأنه اليوم الذي وقعت فيه؛ فإن ذلك يؤدي إلى اتخاذه مناسبة بتعظيم ذلك اليوم، وأن يخص بمزيد عبادة من بين أيام رمضان، ويحتفل فيه في ليلته، فذلك بدعة؛ إذ لم يسن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته ولا التابعون لهم بإحسان، لكن وقع من بعض العلماء الذين ألفوا في فضائل أيام العام وفي وظائف رمضان أنهم عقدوا فصلا ذكروا فيه غزوة بدر، وأنها جرت في ذلك اليوم، وتبعهم من تبعهم في الحديث عن غزوة بدر في خطبة أو محاضرة أو درس في اليوم السابع عشر من رمضان أو ليلته أو قريب من ذلك، وزاد في ذلك طوائف من الناس، فجعلوا ذلك اليوم عيدا يحتفلون به، ويخصونه بعادات وعبادات، فوقعوا في البدعة من حيث لا يشعرون؛ لذلك أقول: لا ينبغي للخطباء والأئمة والوعاظ من أهل السنة أن يشاركوا هؤلاء بالحديث عن غزوة بدر في اليوم السابع عشر من رمضان، ويمكن تذكير المسلمين بها في أيام غير محددة، على اعتبار أنها من الموضوعات التاريخية المهمة التي يحتاج المسلمون إلى تعريفهم بها، وتذكيرهم بأحداثها، لما يوجبه ذلك من شكر الله على نعمه، ومن الأسوة الحسنة بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وشحذ الهمم للجهاد في سبيل الله، والانتصار لدينه، ونظير ما وقع من الناس في شأن غزوة بدر ما يقولونه ويفعلونه في مطلع العام الهجري من الاحتفال بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث عنها وعما تضمنته من الدروس والعبر، والقولُ في ذلك كالقول في نظائره، فالحكم واحد، ويضاف هنا أمران:
الأول: أن ههنا غلطا تاريخيا، وهو أن الهجرة لم تقع في شهر محرم، بل وقعت في ربيع الأول.
الثاني: أن في تعظيم مطلع العام الهجري مشابهة للنصارى في اتخاذ رأس العام عيدا، ولذا نقول: لا تنبغي التهنئة بدخول العام الهجري.
والله أعلم.