السؤال
هل يجوز زيارة الأماكن الأثرية كالأهرامات والمعابد المهجورة المعدة كآثار، وقد تكون هذه المعابد لأقوام يعبدون غير الله.
الجواب
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فإن زيارة قبور الكفار مشروعةٌ للاعتبار، وتذكر الآخرة، ولا يُدعى لهم، ولا يُدعى عليهم عند الزيارة، والأهرامات يذكر أن فيها قبور بعض الفراعنة، والأصل أن زوارها لا يقصدون الاعتبار، بل يقصدون محض التفرج والاطلاع، ومن ادعى أنه يزور الأهرامات للاعتبار بقبور الفراعة فيقال له: إن مقابر الكفار كثيرة؛ ويغني عنها كلها زيارة قبور المسلمين التي تجمع كل المعاني من الدعاء والتذكر والاعتبار، وإن تعظيم الآثار بالمحافظة عليها وزيارتها للاطلاع والفرجة من عوائد الكفار، وقد دخلت على المسلمين في جملة ما دخل عليهم من ضروب التشبه بالكفار، هذا في الآثار التي ليس فيها معنًى دينيٌّ، ويتبعد بزيارتها، أما الآثار التي فيها معنًى دينيٌّ فالتعبد بزيارتها بدعة وتشبه بالكفار وأهل البدع، كزيارة غار حراء وغار ثور وبعض الجبال في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبكل حال: فكل هذه الزيارات لأنواع الآثار إما بدعةٌ أو تشبهٌ أو فضولٌ، مع ما تتضمنه من إضاعة الأوقات وإنفاق الأموال بالباطل، فعلى المسلم أن يربأ بنفسه عن أن يكون إمعة يجاري الناس في عوائدهم دون فرقان بين الحسن والقبيح، والنافع وغير النافع، فعلى المسلم أن يستنير بُهدى الله المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيزن الأمور بميزانهما، فينال بذلك التميزَ عن عامة الناس بالبصيرة والفرقان. هذا؛ ومن الآثار التي لا يجوز قصدها على أي وجه: ديارُ المعذبين، كديار ثمود التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوك؛ فإنه مرَّ بتلك الديار وهو متقنع، ونهى أصحابه عن دخول بيوت الظالمين، ففي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحِجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين). ثم قنع رأسه، وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
نسأل الله أن يمن علينا بالعلم النافع والبصيرة في الدين، والثبات عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.