السؤال
عندما أقرأ أذكاري، أكررها كثيرا أشعر أنني لم أقرأها بحضور قلب، وأكثر سورة أشعر بتشتت في ذهني وعدم تركيز فيها سورة الفلق، لدرجة أنني أقرأ كل الأذكار وأتركها آخر شيء، لكي لا يضيق صدري ولا أمل منها، هل هذا وسواس؟ وإذا كان وسواسا ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فإن الأذكار المشروعة في الصباح والمساء ينبغي أن يؤديها المسلم بحضور قلب، بمعنى أنه يقرأها وقلبه شاعر بما يقول، فيتطابق على ذلك القلب واللسان، ولكن إذا قرأ الإنسان الأذكار أو قرأ بعضها وذهنه شارد، فلا يشرع له أن يعيدها؛ لأن هذا يؤدي إلى الوسواس، مثل الصلاة: على الإنسان أن يحضر قلبه فيها، ويعرض عن كل شاغل يصرفه عنها، ولكن هذا لا يوجب أنه إذا قرأ الفاتحة وهو شارد الذهن أو سبح في الركوع والسجود وهو غافل أن يؤمر بالإعادة، لكن لا ريب أنه ينقص ثواب صلاته بحسب ما غفل عنه منها، ولا يكتب له أجر أفعال الصلاة وأقوالها كاملا إلا إذا أداها وهو عاقل لها، فإن أداها وهو غافل أثيب على نيته وعلى ما أتى به من أفعال الصلاة وأقوالها ثوابا ناقصا، ولذلك تجزئه صلاته مع ما حصل له من الغفلة فيها، لكن إذا علم أنه ترك ركنا فعليه أن يأتي به، وإذا ترك واجبا أو وقع منه زيادة أو نقص أو شك، فعليه أن يبني على اليقين ويسجد للسهو، إلا أن يكون ذلك وسواسا، بحيث تكثر الشكوك عنده، فلا يلتفت إليها حينئذ، وبناء على ما سبق نقول لك: أدِّ الأذكار، ويجزئك ذلك لفعل السنة، ولا تفتح على نفسك باب الوسواس، وكذلك سورة الفلق: اقرأها، ولا تتكلف في قراءتها، ولا تُعد شيئا من آياتها من أجل أنك قرأتها وأنت غافل، وليس المطلوب في الصلاة ولا في تلاوة القرآن ولا في قراءة الأذكار أن تقف لتتفكر في كل كلمة وجملة، بل يكفي أن تفعل هذه العبادات من الصلاة والذكر وذهنك حاضر بحسب الاستطاعة.
أما الإعادة والتكرار من أجل وجود الغفلة فهذا يفتح باب الوسواس، كما تقدم، والله أعلم.
نسأل الله أن يفتح عليك، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.