30 جمادى الأول 1437

السؤال

مشكلتي ـ بارك الله فيكم ـ أني مريض بسلس البول والريح، (كرمكم الله), تتفاوت الحالات عندي في السوء من يوم لآخر، وأحيانا قليلة أكون أقرب للطبيعي, ولكن زرت عدة عيادات بخصوص الريح، وقالوا لي: مالك علاج عندنا، بصراحة, أعاني الإمساك المزمن، ومشكلتي هي مع الصلاة والطهارة، مؤخرا قبل سنوات قرأت فتوى لأحد المشايخ يقول فيها لمن في حالتي: إن الجمهور على أنه يعيد صلاته ! ما أدري يقصد يعيدها، متى؟ وكيف؟ ويجب عليه حبس الريح، وإلا يعيد الصلاة, ويقول: (لو علم أنه سيصبح مثلا أفضل، أو تزول علته بعد ساعة، فينتظر ويصلي بعد ساعة) ومنها أصبحت حياتي جحيما؛ أقف في الحمام، أتوضأ لساعات طوال, نعم ساعات طوال! ليست وسوسة أبدا أبدا, بالفعل بطني لا يسكت، ومستمرٌ خروج الريح معي، فأذهب أصلي ثم أعيد، ثم أصلي ثم أعيد، وهكذا ظننا مني أني يمكن أكون قصرت أو نحو ذلك, وأحيانا أتغدى بعد الدوام في البيت، وطبعا تصبح حالتي أصعب، وأنا لم أصل العصر بعد فأدخل في معاناة, أريد النوم قليلا قبل المغرب و أقترب من الإغماء من كثرة التعب، ولكني أنتظر لعل الطعام يهضم فتصبح حالتي أفضل, وبالفعل أحيانا كثيرة بعد ساعة تقريبا أتحسن قليلا بعد الذهاب للحمام (أكرمكم الله)، ولكن بعد 10 دقائق تعود الدوامة وهكذا، حتى تشقق جلدي من الماء المالح عندنا, دلوني على الصحيح، بارك الله فيكم، لدي أسئلة:
1- ماهو النصح لحالتي؟ يعني أصلي كما يقولون: إنه عند دخول الوقت أصلي وخلاص؟ أو أنه يجب علي البقاء مستيقظا واقفا أنتظر أن تتحسن حالتي ثم أصلي؟ وإن صليت وأنا في أسوأ حالاتي ثم جئت لأنام فاذا بي أشعر بتحسن، هل علي القيام وإعادة الصلاة ؟
2- ما هو شرح موضوع إعادة الصلاة هنا؟ وهل مثلا إذا شفي الإنسان من مرضه هذا بعد 10 سنوات، يعيد صلاة عشر سنين أو ماذا؟
3- أعلمُ أن أغلب العلماء يرون أن من كان مثل حالتي ما يكون إماما, لكن البعض هداهم الله يصر على إحراج الناس، رغم اعتذارهم فيسحبه سحبا ويضعه إماما، ويصلي وراءه، وبصراحة لا أملك أن أصارحهم بحالي للإحراج, لا أستطيع , فما الحل؟ علما أن أناسا أعرفهم صلوا خلفي كثيرا هكذا إجبارًا، وأحيانًا يشبكون معي، وأستحيي أن أقطع الصلاة، فيسألوني: لماذا قطعت صلاتك؟ فلا أستطيع أن أجيب!
علما أني لا أعاني وسوسة, فأنا لا أوسوس، وإنما أشتكي من حالة موجودة، دلوني، بارك الله فيكم.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فقد قال الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وقال سبحانه: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وما ذكرت من معاناتك ـ أيها الأخ السائل ـ في أمر الطهارة والصلاة، من طول المكث وإعادة الوضوء والصلاة، هو من الحرج، و بناء على ما ذكرت من حالك في شأن البول والريح، وأنك لا تتحكم فيهما، وأن الحدث يحصل معك في غالب الأوقات بلا إرادة، فينقطع في بعض الساعات، وليس لانقطاعه وقت معلوم، وعند انقطاعه لا تأمن رجوعه، بناء على ذلك أرى أن حكمك حكم من به سلس البول والريح.
وحكم صاحب السلس أنه يتوضأ للصلاة إذا دخل الوقت، ولا يلتفت لما يخرج من الحدث بعد ذلك بغير اختياره، وله أن يصلي في هذا الوقت ما شاء من فروض أو نوافل، إلى دخول وقت الصلاة الأخرى، وصلاة صاحب السلس صحيحة بالاتفاق، واختلفوا في صحة إمامته، والصحيح صحة إمامته؛ فكل من صحت صلاته بنفسه صحت إمامته، إلا أن يدل دليل على خلاف ذلك، ولا دليل ـ فيما أعلم ـ على عدم صحة إمامة صاحب السلس؛ فاعمل ـ أيها الأخ ـ على هذا، ونسأل الله أن يصلح حالك، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أملاه: عبد الرحمن بن ناصر البراك، في ضحى السبت: 25 جمادى الأولى لعام 1437هـ.