السؤال
جرت عادة عند كثير من الناس اليوم في مناسبات الزواج أنهم يحضرون ويسلمون على الزوج وأهله أو أهل الزوجة، ثم يخرجون ولا يطعمون من وليمة العرس، والسؤال هل: يجوز ذلك بحجة ارتباطات الناس وأن هذا فصار هذا متعارفا عليهم فيما بينهم.
الجواب
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فالأصل في وليمة العرس ونحوها من الدعوات هو التكريم والإطعام، لا مجرد اللقاء والسلام، ولهذا فإن من حضر ولم يطعم من غير عذر كصيام، فإن نفس الداعي لا تطيب، ويرى أنه لم يحصل مقصوده، ولهذا يستحب لمن كان صائما متطوعا أن يفطر لتطييب نفس أخيه الداعي، وإن رأى أنها تطيب نفسه بالحضور والدعاء، ولا سيما إن كان للاقتصار على ذلك سبب؛ فالأمر واسع، ولا يخفى أن وليمة العرس لها شأن في الشريعة لقوله صلى الله عليه وسلم: (شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله) متفق عليه من حديث أبي هريرة، ولهذا كانت إجابة الدعوة لها واجبة، فلا يجوز التخلف عنها إلا لعذر شرعي؛ كمنكر لا يستطيع تغييره، أو دعوة سابقة، أو سبب عادي يتنازل الداعي لأجله عن دعوته، أو يقبل الاقتصار على مجرد الحضور والسلام، هذا ويلاحظ أن من يحضر ثم يستأذن أو ينسل من المجلس فإنه يتخذ من ذلك تميزا على الذين يبقون للعشاء، ومن الخطأ قول بعض الناس: إن الأكل ليس هو المقصود، نقول: هذا صحيح، ليس هو كل المقصود، لكنه مقصود، ولهذا فإن كل الولائم والدعوات مبنية عليه شرعا وعادة، ولهذا أرى أن الاعتذار وتطييب نفس الداعي بذكر العذر أولى من الحضور ثم الخروج، ومن الجميل الذي يفعله بعض الناس أنه يحضر وليس به حاجة إلى الطعام لسبب من الأسباب، ولكنه يبقى ويجلس على المائدة، ويأكل أو يشرب ما يتيسر، وبهذا يكون قد أجاب الدعوة وجلس مع إخوانه وشارك، هذا وقول السائل: إن الحضور إلى العرس والسلام ثم الانصراف دون الطعام صار عرفا نقول: هذا ليس عرفا على الإطلاق، والعرف لا تعارض به السنة، أسأل الله أن يجملنا بالتقوى وحسن الخلق، والله أعلم. أملاه: عبد الرحمن بن ناصر البراك في الأحد غرة شعبان 1437هـ.