السؤال
فضيلة الشيخ <BR>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته<BR>سؤالي حفظكم الله هو أني سافرت قبل خمس سنوات تقريبا لأمريكا حيث كنت مبتعثاً، ومكثت هناك سنة ونصف، وترتب على إقامتي هناك بعض المبالغ المالية على شكل فواتير لشركات كالهاتف وغيرها، ورجعت دون سدادها، مع العلم بان الفواتير لم أحتفظ بها ولكني أعرف المبلغ تقريبا، فماهو الحكم جزاكم الله خيرا؟<BR>
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن مكارم الأخلاق التي بُعث محمد صلى الله عليه وسلم لتتميمها تلزم المسلم أن يتعامل بها مع الناس كافة، مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم، ومن مكارم الأخلاق أداء الحقوق إلى أهلها؛ كما قال سبحانه: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } (النساء- 58).
وكما صنع النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة، فوكل علياً رضي الله عنه ليرد الودائع إلى أهلها رغم كونهم كفاراً، قال ابن اسحاق رحمه الله: وأقام علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة ثلاث ليال وأيامها، حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك)، أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: (لما عدا على بعض الكفار فقتلهم وسلبهم أموالهم، ثم أتى مسلماً قبل النبي صلى الله عليه وسلم إسلامه، لكنه صلى الله عليه وسلم أَبَى أن يخمس تلك الأموال، يقول المغيرة رضي الله عنه في خبر تلك القصة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إسلامك فنقبله منك ولا نأخذ من أموالهم شيئا؛ لأن هذا غدر ؛ ولا خير في الغدر، فأخذني ما قرب وما بعد وقلت: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي ثم أسلمت الساعة، قال: إن الإسلام يجب ما قبله).
فالواجب عليك أخي إيصال تلك الأموال إلى مستحقيها مهما استطعت إلى ذلك سبيلا، وإلا فلتتصدق بها رجاء السلامة من الوزر.
والعلم عند الله تعالى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.