23 شوال 1434

السؤال

نسمع كثيراً من بعض الكتاب أو المفكرين استخدام الفعل "خلق" مثل: عبارة "خلق فرص استثمارية..." أو "أن هذه الأسباب خلقت هذه الظاهرة ..." <BR>فهل يجوز استخدام كلمة "خلق" في مثل هذه العبارات؟ وهل هي مختصة بالله _سبحانه وتعالى_؟<BR>أرجو التوضيح؛ لأنني أصبحت أسمعها وأقرأها في العديد من اللقاءات والكتابات . <BR>

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالخلق يستعمل في اللغة على وجهين أو بمعنيين:
الخلق بمعنى الإيجاد وبمعنى التقدير، وكلا المعنيين ثابت في حق الله _تعالى_ على وجه الكمال، فهو الخالق لكل شيء، وهو الذي جعل لكل شيء قدراً، ومن أسمائه (الخالق) و(الخلاّق).
قال _تعالى_: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً" (الفرقان: من الآية2).
وقال _عز وجل_: "هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ" (الحشر: من الآية24).
وقال _سبحانه وتعالى_: "فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (المؤمنون: من الآية14).
قال المفسرون: أي المقدرين، فإن المخلوق يوصف بالخلق بمعنى التقدير، ولكن قد يُقَدّر الإنسان ثم لا يَقْدِرُ على إيجاده كما قَدَّرَه، ولهذا يقول الشاعر في ممدوحه:
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
والله _تعالى_ على كل شيء قدير، فما قَدَّرَه أَوْجَدَه على وفق تَقْديره، وذلك لكمال علمه وقدرته، بخلاف المخلوق فإنه ناقص العلم وناقص القدرة، ولهذا صار لفظ (الخلق) في عرف المسلمين مختصاً بالله، فهو الخالق والخلاّق، وهو خالق كل شيء، فلا تكاد تجد في كلام العلماء أو كلام عوام المسلمين استعمال هذا اللفظ إلا مضافاً إلى الله _تعالى_، وإضافة الخلق إلى بعض الأسباب هو مما فشا في هذا العصر على ألسنة بعض الكتّاب والصحفيين ومقليدهم.
وعلى هذا فاستعمال لفظ (الخلق) في حق غير الله أقل أحواله أن يكون مكروهاً، فينبغي اجتنابه واستبداله بألفاظ لا توهم تشبيه المخلوق بالخالق كالسبب والتسبب، كأن تقول: هذا سبب وجد به كذا وكذا، وفلان تسبب في وجود كذا، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الأسباب مؤثرة في حصول مسبباتها _بإذن الله تعالى_، فإنه _سبحانه_ خالق الأسباب والمسببات، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.