السؤال
أنا شاب في الـ18 عشر من عمري وقد تخرجت من الثانوية وانا طالب في احدى حلقات الرياض وقد كلفني مشرف حلقتي بأن أكون مشرفاً في الحلقة وأنا لا أريد هذا الأمر لأني ارى ان لي من المعاصي و الذنوب الشيء الكثير التي تجعلني اقول اني لا أصلح للإشراف و قد قلت لهم هذا لكنهم رفضوا واصروا ان اكون مشرفاً علماً أن اشرافي سيكون على المرحلة المتوسطة فما الحل في هذا الامر اجيبوني اخوتي
وجزاكم الله خيراً
الجواب
الأخ السائل الكريم
رؤية حقيقة النفس أمر فاضل مرجو لدى المؤمنين الصالحين , فهم لا يكذبون على أنفسهم , ولا يراؤون الناس , ولا يتزينون بما ليس فيهم , وإنما يستوى عندهم مديح الناس وذمهم , ويرجون رضا ربهم , صادقين مصدوقين , فهمهم ذنوبهم وتقصيرهم في حق ربهم , وسعادتهم بالقرب من معبودهم , وغاية مناهم أن يرضى عنهم ويغفر لهم ويرحمهم ويثيبهم مثوبة من عنده سبحانه وهو الجواد الكريم ..
وكثير من الناس الذين لم يدركوا تلك الحقائق , يفرحون بما يميزهم عن الآخرين فيما يخص دنياهم , فيسارعون للإمارة , ويسعدون بالتحكم بالناس ويرون أنفسهم ساعة يأمرون فيأتمر الناس بأمرهم وينهون فينتهي الناس بنهيهم , حتى ولو كانوا يعلمون من أنفسهم أنهم لا يستحقون تلك المكانات ولا هذه المهمات ..
وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم ألا نسعى لقيادة الناس أو إمارتهم سعيا لرغبة النفس علوا في الدنيا , وعلم كل قائد في الإسلام أن لا يولى مسؤولية لأحد رغب فيها ولا سألها ولا تاقت نفسه إليها، بل على العكس من ذلك (إنا لا نوليها من سألها).. ذلك إن حب الرئاسة على الخلق في الدنيا من مفسدات النفس ومهلكات الأخلاق بل في الحديث الثابت قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه "
إلا أني أرى موقفك يتنازعه معنيان مهمان :
الأول : صدقك مع نفسك وعلمك بحقيقة ذنبك , ورغبتك في السعي لغفرانه والتوبة منه دوما وهو ما يجعلك تحجم عن الإشراف ..
والثاني: رغبتك في طاعة اساتذتك واحترام وتقدير توجيهات مربيك في قبول التوجيه والتكليف الذي كلفك إياه ..
وأرى لك أمورا متتابعة :
أولها أن تراعي نفسك وتتابع أحوال قلبك , وتسعى جاهدا للقرب من ربك مقبلا عليه منيبا إليه دوما ..
وثانيها أن تصدق مع نفسك أن تكون رغبتك في عدم الإشراف نابعة من نفسك ومن قناعاتك التي تريد أن تثاب عليها , فتُقدم للمهمة من تراه خيرا منك وأقدر على القيام بها .
وثالثها , أن تحدث بذلك مربيك وتخبره باختيارك وبرغبتك وبسبب ذلك وتبين له تقديرك واحترامك لاختياره ..
وآخرها أنه إذا أصر مربوك ومعلموك وأساتذتك على تكليفك بعد علمهم باختيارك , فأرى أن لابأس أن تقبل بالتكليف وتطيع أمر مربيك فلعله يرى الأمور بشكل أصوب منك وببصيرة أحذق منك , فأطعه فلعل الخير في طاعته إن شاء الله
وفقك الله ورعاك