وقد تكون تلك المشكلات البيتية متماسة مع الزوجة أو الزوج أو الأبناء أو الأجداد وقد تكون خليطا من هذا وذاك !!
وباستقراء الأحوال المجتمعية العالمية وجدت أن هذه الشكوى لم يسلم منها مجتمع من المجتمعات في العالم , بل وجدت ما اعتبره إيجابيا وهو محدودية الأزمات المنزلية في الدول الإسلامية مقارنة مع غيرها من الدول , ومحورتها حول عدم التفاهم وصعوبة التواصل وأساليب التعامل وغيرها من الأمور , في حين تختلف المشكلات في المجتمعات غير الإسلامية حول معاني الخيانة الزوجية وعدم التكيف والحرص على المصلحة الذاتية وغيرها
والمشكلة المنزلية أمر حاصل بالطبيعة البشرية , نتيجة كثرة الاحتكاك اليومي , وكثرة الهموم الحياتية , وتنوع الرغبات الإنسانية , واختلاف المفاهيم والطباع وغيرها , فوجود مشكلة ببيت ما – مادامت في حيز مقبول – لا يعني بحال وجود ظاهرة مرضية من نوع ما , بل قد يكون وجود بعض المشاكل ظاهرة صحية كتلك التي تقوم على رغبات متضادة في أنواع الإنجاز واساليبه وطرقه متفقة على أصله وآدابه ووسائله الحميدة ..
الأمر المقلق والذي من أجله يمكن أن يضاء النور الأحمر إنذارا وتنبيها , أن تصير المشكلة المنزلية أزمة مزمنة فتتعكر معها أجواء البيت وتظل تتفاقم بلا حل لفترات طويلة بلا أدنى ضوء في نهاية النفق , فتبدأ الأمراض النفسية لأفراد الاسرة في الظهور على السطح من الاكتئاب إلى الانطواء إلى العصبية الشديدة إلى سوء الظن والمخاوف الشاذة , وتبدأ الأفكار السيئة تتوارد على ذهن أفراد الأسرة الواحدة تبتدىء بردود الأفعال وتنتهي بالإنفصال !!
دعني اعتبر معك أيها القارىء الكريم أن التوصيف الصحيح والصائب للمشكلة هو أول خطوات حل أية مشكلة , فقد تتصاعد وتيرة مشكلة ما حتى ينسى أطرافها كيف كانت بدايتها , وكم من أزمة صغيرة استرسل معها أصحابها حتى صارت عصية على الحل , فابدأ بالنظر الصائب لمشكلتك عبر منظار غير كاذب , واكتب عناصرها كتابة دقيقة بلا تحيز أو تجن , لتتكون أمامك صورة حقيقية لمشكلتك بلا تضخيم او تهوين ..
كذلك فنحن كثيرا ما نرى مشكلتنا من جانب واحد فقط , والمعروف أن كل أزمة لها عناصر مختلفة شاركت في وجودها , ومن الخطأ الكبير تغافل مختلف العناصر وتركيز الغضب والاتهام على عنصر واحد هو أحد أفراد الأسرة , ليحملها وحده ومن ثم تتدفق عليه شتى الأزمات ! , إننا يجب علينا أن نحلل مشكلاتنا الأسرية إلى عناصرها الاساسية وأفرادها المتسببين فيها والمتأثرين بها وعندئذ نزيد الصورة وضوحا ونزيد السبيل ضوءا آخر .