
ضمن محاور ندوة "الأسرة المسلمة والتحديات المعاصرة" التي تنظمها مجلة "البيان" بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تحدث الدكتور وليد بن عثمان الرشودي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في كلية المعلمين بالرياض عن خطورة العولمة وآثارها السلبية، سواءً على الأسرة المسلمة، أو على النظام الاجتماعي في المجتمعات المسلمة، ومن هذه الآثار: تمزُّق الكثير من الأنسجة الاجتماعية، وتردي علاقة الآباء بالأبناء، وانصراف الأولين عن دورهم التربوي التاريخي، وتهديد النظام الأخلاقي الإسلامي.
وقال الرشودي إن شبكات الاتصال الحديثة، والقنوات الفضائية، وبرامج الإعلانات، والدعايات للسلع الغربية، تسهم في هذا الجانب وهي مصحوبة بالثقافة الجنسية الغربية، التي تخدش الحياء والمروءة والكرامة الإنسانية، ولقد أثبتت الدراسات الحديثة خطورة القنوات الفضائية - بما تبثه من أفلام ومسلسلات جنسية فاضحة - على النظام التعليمي والحياة الثقافية، والعلاقات الاجتماعية، ونمط الحياة الاقتصادية في العالم الإسلامي، إضافة إلى زيادة نسبة معدلات الجريمة، ليس في الدول النامية وحدها، بل في كل الدول الأوروبية الغنية، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، وتوهين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، والظلم الاجتماعي الذي يصيب الأسر الفقيرة، نتيجة تقليص الدولة للدعم الاجتماعي لهذه الأسر.
وتناول الدكتور الرشودي في مداخلته عناية الشريعة الإسلامية الفائقة بالأسرة لحمايتها من التفكك، باعتبارها العماد الأول للمجتمع المسلم، والمحصن التربوي الأول الذي يتخرج منه الفرد النافع للمجتمع ولنفسه ولوطنه.
وخلص الدكتور وليد إلى مجموعة من التوصيات لحماية الأسرة المسلمة من أخطار العولمة؛ منها توصيات عامة للنهوض بالمجتمع المسلم تتمثل في التمسك بالشريعة الإسلامية، وتبني المنهج الشمولي في فهم الإسلام، الذي يجمع بين العقيدة، والشريعة، والسلوك، والحركة، والبناء الحضاري، وإعادة النظر في مشكلاتنا الاجتماعية، في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية العامة، ومقاصدها، وغاياتها الحكيمة في الحياة، وكشف سوءات مؤتمرات تحرير المرأة والمساواة للجمهور الإسلامي، وبيان مراميها، ومخالفتها لمقاصد الشريعة. والمشاركة الفاعلة في هذه المؤتمرات - إن كانت المصلحة تقتضي ذلك - ، وطرح البديل الإسلامي في المسألة الاجتماعية، وكشف عوار الحياة الغربية الاجتماعية.
وأوصى بتأسيس مراكز متخصصة؛ لمتابعة النشاط النسوي التغريبي العالمي والإقليمي، ومعرفة ما يتعلق به من مؤتمرات، مع نشر موقف الإسلام من المرأة والأسرة عالميًا؛ وذلك من خلال مبادرات للتحذير من مخاطر الغزو الثقافي والإعلامي للحضارة الغربية، التي تتميز أسرها بالتفكك، والتشتت، وغياب الروابط الدينية والأخلاقية والتربوية فيما بين أفرادها، في مختلف وسائل الإعلام.
كما أكد وجوب قيام وسائل الإعلام المختلفة المسموعة، والمرئية، والمقروءة، ثم المساجد، ودور القرآن، والمدارس، بالإضافة إلى الجمعيات، والنوادي الثقافية، والتربوية، والدعوية، بالتوعية بأهمية الأسرة في المجتمع ودورها العظيم، إضافة إلى الرد العقلاني الموضوعي على الترهات التي يروجها الغرب، وتوجيه الأسرة العربية العملي لمواجهاتها، بدءًا من إنكار أكاذيبهم، والاستعداد لمقاومتها.
وكانت ندوة "الأسرة المسلمة والتحديات المعاصرة" التي نظمتها مجلة "البيان" بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وافتتحت الخميس قد واصلت أعمالها أمس بحضور أكثر من 200 عالم ومفكر وتربوي ومتخصص في شؤون الأسرة.
وتناقش الندوة ست أوراق عمل، في ثلاثة محاور؛ هي: محور (التماسك الأسري في ظل العولمة)، ويشارك فيه الدكتور إبراهيم الدويش والدكتور وليد الرشودي، ومحور (التربية الأسرية قراءة وتقويم)، ويشارك فيه الأستاذ الدكتور عبدالعزيز النغيمشي والدكتور عبدالله بن وكيل الشيخ، ومحور (الإعلام العربي ودوره في التغيير الاجتماعي والأخلاقي)، ويشارك فيه الأستاذ الدكتور محمد بن سعود البشر والدكتور محمد الخرعان.