ياأهل غزة..لا تحزنوا فالله معكم
14 محرم 1430
يحيى البوليني
يمتنع القلم مرارا عن الكتابة عما يحدث في غزة
فما يغني القلم ؟ وما تفعل الدموع ؟
ففي غزة الآن مذبحة أو مجزرة وأن شئت فقل محرقة
ومازال رد الفعل كما هو ولم يتغير
 فمن يشجب سيظل يشجب دوما ومن يفكر في الرد على المحرقة بالاجتماعات سيظل يبحث عن آلية للاجتماعات
ومن يبكي وينوح سيظل يبكي وينوح
أنهار من الدماء الزكية تتدفق في شوارع غزة الأبية المحاصرة
أنهار من دماء سالت ولم تجف بعد دماء أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي رحمهما الله
الغارات تستهدف كل شئ بجنون وبرغبة وحشية دموية لا مثيل لها وكأنهم يبيدون هذا الشعب الأبي الشجاع الذي يتمثل الإسلام قولا وعملا وسلوكا
صعدت أرواح مائتي شهيد على الأقل إلى بارئها مستبشرة بنعمة الله وفضله وفرحين بما آتاهم الله " يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" ويشتكون إلى الله جلد العدو وضعف الأخ وتخاذله بل وتواطئه عليهم
وأعداد الشهداء تتزايد باضطراد على مرئى ومسمع من الجميع
فيا أهل غزة لا تهنوا ولا تحزنوا  فالله معكم
واذكروا يوم أن وقف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومعه الصديق وحدهما أمام كل قوى الشر والبغي والعدوان وهمس الصديق لحبيبه محمد قائلا : لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا فيطمئنه الصادق المصدوق : لا تحزن إن الله معنا ما ظنك باثنين الله ثالثهما
- كانا وحدهما محاصرين مثلكم ليس لهما قوة مادية ولا عون بشري ولكنهما كانا يمتلكان قوة الإيمان بالله والتوكل عليه
فلا تحزنوا يا أهل الصمود في غزة " إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ"
 
- لا تحزنوا إن حاصرتكم كل قوى الشر والبغي والظلم والقهر والخيانة " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ "  
 
- لا تحزنوا إن قطعوا عنكم الطعام والشراب والدواء فالله مولاكم وهو كافيكم وناصركم " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ "
لا تحزنوا إن أرادوا كسر إرادتكم وتركيع قادتكم وتجويع أبناءكم فما كنتم طلاب دنيا ولا عبيد شهوة فإن صدقتم الله صدقكم وعده وإن طلبتم الآخرة وعملتم لها وتركتم كل رغبات الدنيا واخترتم رضا ربكم فلتبشروا بسعادة الدارين " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "
- لا تحزنوا فالله معكم فما ظنكم بمن كان الله معه فأبشروا بالسكينة والنصر " إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "
 
واذكروا يوم أحد يوم أن تعرض الرسول الكريم ليوم عصيب كيومكم هذا , وقتل من أصحابه سبعون شهيدا وجرح الكثيرون وأصيب الرسول الكريم في وجهه وكسرت رباعيته ونزفت الدماء الطاهرة فنزلت البشارات الإلهية والنفحات الربانية   " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين َ*إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ "
فلا تهنوا ولا تحزنوا وقروا أعينا واعلموا أنكم شرف الأمة وفخرها وما تبقى من عزها
واذكروا حينما انتهى يوم أحد وكان أشد يوم لقيه المسلمون ومعهم رسول الله وهم خير من سار على وجه الأرض , وباتوا ليلتهم وهم في أدني درجات القوة فهم ما بين جريح ومكلوم وأتاهم من يخوفهم من قريش ويتوعدهم بالمزيد من الضربات ويقول لهم إن قريشا تجمع الجيوش وتعد العدة لحرب إبادة فما كان منهم إلا أن لجئوا إلى الله واعتصموا بحماه وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل ُ" فكان جزاؤهم " فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "
وهاهي التهديدات تتوالى عليكم تهددكم وتوعدكم بالمزيد من الضربات والهجمات بالطائرات والدبابات والزوارق فاعتصموا بالله وأكثروا من التقرب إلية والتذلل بين يديه وقولوا مثل قول أسلافكم وقدواتكم " فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ" 
فإذا لقيتموهم فاثبتوا وأكثروا من ذكر الله فنحن لا ننتصر بعدد ولا عدة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
واذكروا إذا تحزب الأحزاب على نبيكم وقرة أعينكم وهاجموا المدينة بأضعاف عددها يوم الخندق وحاصروها على أهلها واشتد الكرب وعظم الخطب وزاد الخوف " إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً "
فما هي إلا لحظات قليلة ينتقل فيها المؤمنون من الخوف إلى الأمن ويثبتون بحسن صلتهم بالله ويعظم يقينهم بنصر الله عندما يرون المحنة تشتد وحينما يتجمع الأحزاب من كل صوب " وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً "
لقد تشابه موقفكم مع موقف سلفكم الصالح فما تشعرون به اليوم من التعب والنصب والجوع والبرد هو نفسه ما لاقاه الصحابة الأطهار فاستمِعوا لنبيكم يناديكم كما نادى إخوانكم من قبل فيقول أنس رضي الله عنه خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال " اللهم إن العيش عيش الآخرةفأغفر للأنصار والمهاجرة " فقالوا مجيبين لهنحن الذين بايعوا محمدا علي الجهاد ما بقينا أبداً    
ولا يغرنكم المنافقون وضعاف النفوس ولا يوهنكم تخاذلهم – فما أكثرهم حولكم في الداخل والخارج - فأمثالهم قالوا من قبل " وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً " فوجود أمثالهم ضرر لكم ومعوق لعملكم كما قال ربنا تبارك وتعالى " لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ "
 واعلموا أن الشهادة هي أعظم المراتب القرب وأشرف المنازل ولا ينالها إلا من يختاره الله سبحانه " إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " ‏وقد قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏"  ‏للشهيد عند الله ستخصال يغفر له في أول ‏ ‏دفعة ‏ ‏ويرى مقعده من الجنة ‏ ‏ويجار ‏ ‏من عذاب القبرويأمن من ‏ ‏الفزع الأكبر ‏ ‏ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير منالدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ‏ ‏ويشفع ‏ ‏في سبعين منأقاربه "
أهلنا المحاصرين في غزة
لا تنتظروا دعما من أحد ولا تنتظروا نصرا من مخلوق فهذه نار لو نفخت فيها لضاءت ولكن تحت الرماد رماد وحقد اسود دفين عليكم وعلى تدينكم وما النصر إلا من عند الله " إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "