
كثيرا ما يتعلق الناس ببعض أمل في الحياة , راغبين عطاء جديدا , ونعمة منتظرة , وخيرا قادما , فيظل أحدهم متعلقا بآمال الدنيا منتظرا عطاء النعم فيها, راغبا في الغنى والراحة, والشهرة والاكتناز , والبيوت والقصور, والمركز والجاه , متمنيا آمال الحياة , وبينما هو في تلك الحال إذ عاجله الأجل أو عاجله مالم يكن ينتظر , فضاع منه الأمل القريب , ورحل عنه الرجاء الزائل ..!!
إنه أمل كاذب لاشك , تنبني على اعتباره الأمنيات , فيرهق الخيال بالتيه فيما يتمنى , وقد يسخطه أمله عن رضاه بما قسم له , ويقصر به فكره في أمنيته عن واقعه الذي يعيش فيه , وقد يشغله أمله في دنياه عن أمله الحقيقي الصادق في أخراه , فتغفله الأيام لاهثا خلف الأمنية , ذائبا في جمع الأعراض الفانية ..
وآخرون عقدوا آمالهم فيما يحب ربهم, وجعلوا رجاءهم رضا مولاهم, فتمنوا من الدنيا ما يصلحها طموحا صالحا ورجاء مشروعا , وبحثوا فيها عما يبلغهم فوز الآخرة , فأحسنوا الأمل وأتقنوا الرجاء , فأتاهم الأجل وهم سعداء, وقدموا على الآخرة قدوم الفائزين ..
إن الأمل في الله أيها القارىء الكريم هو دليل القلوب الصالحة إلى ديار الجنة, وهو الذي يُطيب لها السير في طريق العبادة, ويجعلها تستبشر بكرم الله وفضله وجزائه العظيم.
والعبد المؤمن الصالح لا ينفرد الرجاء وحده في قلبه, ولكنه يقترن بالخوف والرهبة, قال سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}
ويظل رجاء المؤمن يقوى في ربه ورغبته تتصاعد وتزداد فيما عنده، حتى لا يترك مجهودًا يقدر عليه إلا بذله, ولا يدع لهمته في لحظة فتورًا ولا خمولاً, بل يظل يبذل ويعطي كل ما عنده ابتغاء وجه ربه عز وجل وهو خير مأمول.