21 ربيع الأول 1430

السؤال

مشكلتي أني وجدت نفسي بين أناس ظاهرهم الالتزام والخير وهم إن شاءالله كذلك لكن فيهم فتور شديد ويظهر ذلك جليا في ترك صلاة الفجر وغيرها من مظاهر الفتور..
السؤال ياشيخ بم تنصحني..؟! بالهرب منهم -وعلينا أنفسنا- أم محاولة الإصلاح.. أرجوا الإجابة عن سؤالي مع العلم أن هذه المشكلة يعاني منها كثير من الناس.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائل الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كثيرا ما يحدث أن يجد داعية نفسه داخل مجتمع خامل كسول أو فاتر غافل , ويبذل جهدا لايشعر بأثره في أحيان كثيرة فيصيبه الاسى والحزن والألم , لاسيما وهو يرى مجتمعات أخرى قد استجابت وبدأ التغير الحسن يدب بين أفرادها , وههنا نؤكد معك أيها القارىء الفاضل على بعض النقاط المهمة :
أولا : قد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالإخلاص القلبي التام إذا أردنا منه سبحانه الوصول إلى قلوب الناس , والتأير في دواخلهم وتعديل نفوسهم نحو الاستقامة , فدعني ابتداء أسألك أن تراجع شأنك مع الله سبحانه وتعالى وتجدد توبتك الصالحة النصوح , وتجعل مرادك هو مرضات الله عز وجل , وتخلع من نفسك أي حب أو رغبة في مديح أو شكر أو عطاء أو مصلحة دنيوية أيا كانت , وأن تجرد قصدك لله وحده لاشريك له فهو الخطوة الصالحة الواجبة في ابتداء الطريق نحو قبول الناس .
ثانيا : أحذرك من الاستعجال فإن ما تزرعته اليوم فلن يعطيك ثمارًا إلا بعد فترة طويلة , وعندئذ فمهما استعجلت فلا فائدة إلا أن يؤثر ذلك على قلبك , واستعجال المرء في آداء أعماله منه مايحمد وهو ماكان قائما على تدبر للأمور والمواقف والظروف وتقرير الاختيار في أفضلها وأحسنها ووضوح الهدف بعد إمرارها على الحكمة ورأي الخبراء وهو عندئذ محمود كقوله تعالى لموسى " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى " , وأما أكثر الاستعجال فهو مذموم غير محمود إذ إن غالبه يقوم على فورة النفس وعدم التدبر والتفكر في المآلات وتفنيد الخيارات والبحث في العواقب , فاحذر أن تتخذ موقفا كرد فعل للفتور تجاهك وأدعوك إلى الصبر والترو تجاه من حولك في دعوتهم .
ثالثا : إن ما تبحث عنه من أؤلئك الناس من حيوية وعدم فتور منبعه اقتناع عقلي وتشرب نفسي مع بعض الطبائع السلوكية الأصلية , فليس الأمر مجرد موعظة تقال أو تذكرة تسمع , ولكنها هداية واستقامة , تضرب على نفسه فتوقظها وتخبرها بضرورة البدء في التقرب إلى الله سبحانه , وقناعة خاصة تجعله لا يكتفي بفعل المطلوب منه بل يتجاوز ذلك إلى المبادرة في المزيد منه أو البحث عنه، ويزيد على مجرد الأداء الإتقان فيه، بل يضيف إلى العمل المتقن روحاً وحيوية تعطي للعمل تأثيره وفعاليته، دون أن يخالطه جفاف أو جفاء أو تبرم أو استثقال
فأنصحك ههنا أن تبحث عن كل فكرة تصل بها إلى قلوب الناس قبل عقولهم ثم تصل إلى قناعات عقولهم قبل أن تأمرهم بفعل كذا وكذا ثم تدعمهم نفسيا أثناء الفعل بالقول الحسن والتشجيع الرقيق .
رابعا : ستحتاج في موقفك ذلك دوما لآراء الخبراء والعلماء والدعاة وكذلك القريبين من ذات المكان الذي تعمل فيه , فاستفد بتجاربهم وخبراتهم وانتصح بنصحهم وتوجيههم وفقك الله