12 رجب 1430

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا طلب في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بدولة الكويت أريد أن أستشيركم حيث أنني طالب سنة أولى ولدي 4 تخصصات بالكلية و أنا محتار بينهم ..
1_الفقه و أصول الفقه .
2_الفقه المقارن والسياسة الشرعية
3_التفسير والحديث
4_العقيدة والدعوة إلى الله ...
فأي تخصص تنصحوني يا شيخ مع العلم جميع التخصصات فيها الخير و البركة ولكن أريد التخصص التي تحتاجه الأمة في هذا الزمان من ضمن هذه التخصصات فأرشدوني بارك الله فيكم ،،،،
وجزاكم الله عنا خير الجزاء

أجاب عنها:
إبراهيم الأزرق

الجواب

الأخ الفاضل سلطان الظفيري وفقه الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن يكتب لك التوفيق والسداد، وأحمد لك هذا السؤال الذي ربما أغفله كثير من الناس وأقدم على بعض التخصصات دون تفكير، مع أن جواب هذا السؤال يرسم مستقبل عمر، ولو أساء السالك طريقه واقتحم أحد التخصصات دون تدبر فإما أن يفشل فيه، أو يقل نفعه، أو ينعدم إبداعه، ولو سلك طريقاً آخر لكان خيراً له.
وبخصوصك –أخي الفاضل- فلعل مما يحسن التنبه إليه أن حاجة الأمة لا ينبغي أن تكون المعيار الوحيد لاختيارك التخصص، نعم هي واحدة من المعايير لكن أن تُجعل هي المعيار الوحيد فلا.
ولعل أهم من حاجة الأمة في اختيارك تخصصك أمور أخرى منها:
قدراتك.
وميولك .
وخلفيتك.
فالقدرة ضرورية للمواصلة، وقد تكون قادراً على استيعاب التخصصات جميعاً، غير أنك على بعضها أقدر، فهذه تقدم من حيث يسرها عليك.
وأما الميول فقد تجد متعتك في علم دون علم وفن دون آخر، بينما تأطر نفسك أطراً على علم آخر، فلا يحسن أن تنساق في مساق تُكْرِه نفسك عليه دون مقتضي لهذا الإكراه، ولا سيما أنك ترسم لنفسك مسار عمر قد يكون مديداً.
وأما الخلفية فهي مما ييسر بعض المساقات ويرجحها إن تساوت قدرتك وميولك فيها، فما ألممت به إجمالاً قد يؤهلك ذلك للتمكن فيه.
لكن لو افترضنا وجودك في بلد أو بيئة تحتاج إلى تخصص آخر أكثر من الذي كانت لك فيه مشاركة، وعندك عنه خلفية فهنا يحسن بك أن تختار ما يحتاجه الناس في بلدك مادامت الميول واحدة والقدرة حاصلة، وخلفيتك السابقة في الفرع الآخر تكفيك فيه.
ومراعاة هذه المعايير أولى بك في نظري لأنها أدعى لمواصلتك وفاعليتك في مجال اختيارك.
وأما الأمة فالأمة محتاجة إلى كافة التخصصات الشرعية، والقول بأن حاجتها إلى هذا الفرع دون هذا الفرع أكبر في اعتقادي هو ضرب من التخرص في كثير من الأحيان لم يبن على دراسات علمية، ثم هو أمر قابل للتغير بين فينة وأخرى فلا يصح أن ترتكز عليه.
ولاسيما مع افتراضنا في المتخصص إلمامه بأساسيات العلوم الأخرى ومعرفتنا بأن الكليات المتخصصة تدرس أصول ومبادئ الأخريات، وهذا ما يحتاجه عامة الناس في الغالب.
والأهم من هذا كله ما قدم من حاجة الأمة للمتخصصين في كافة المجالات الشرعية ولاسيما مع مستجدات العصر، وما أحدثته الحضارة، وكمِّ النُّمو السكاني الذي تشهده هذه الأجيال.
وعليه أخي الفاضل فلا يمكن أن يدلك دلالة معينة أيها تختار إلاّ نفسك، أو من عرفك معرفة جيدة من العقلاء الناصحين.
وما سبق ما هي إلاّ إشارات تعينك على اتخاذ القرار الذي ستتحمل تبعته بالدرجة الأولى وحدك.
فاستشر من يَخْبُرك من العقلاء ولاسيما إن كان فيهم مشايخ قد حضرت عندهم ودرست عليهم شيئاً من هذه العلوم.
فإن اتفقوا فاستخر في خيارهم ثم أقدم.
وإن اختلفوا فأعمل نظرك وفقاً للمعايير التي قدمتها لك، ووَفْقاً للحجج والمنطق الذي أدلى به مستشاروك.. ثم استخر وأقدم وفق ما يبدو لك، ولن تندم إن شاء الله.
هذا والله أسأل أن يهديك إلى ما فيه خيرك، وأن يفتح عليك، ولعل من يقرأ الاستشارة يدعو لك بالسداد.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".