رسالة إلى الشابات المسلمات
28 جمادى الأول 1430
د. محمد العبدة
إن الأمم القوية وإن ضعفت عسكريا أو اقتصاديا إلا أنها تحتفظ بشخصيتها وهويتها، هكذا كانت حالة المسلمين عندما استباح أرضهم التتار ولكنهم ظلوا محتفظين بحضارتهم معتزين بثقافتهم ثم ما لبث التتار أن أسلموا ودخلوا في هذه الحضارة.
 
  بعض المسلمين اليوم مهزومون ثقافيا ، قد فتك بهم هذا الداء الوبيل وهو التقليد الأعمى للغرب وأعني تقليدهم فيما يخالف هدي الإسلام من العادات والشرائع. إنه داء يذهب بروح الأمة ويضعف المجتمعات .
 
هل نضخم من هذا المرض، والأمر ليس بهذه الخطورة، بل هو أيسر من ذلك ؟ الحقيقة أنه أمر كبير لأنه يدل على الهزيمة الداخلية بل هو من علامات الانهيار؛ لأنه إعجاب بما عندهم وتنقيص لما عندنا ، فعندما تزدري المسلمة ثقافتها فهو الخطر الذي نخشاه .
 
 الإسلام صبغنا بصبغته الخاصة؛ فنحن كمسلمين لنا ذوقنا الخاص وطرائقنا الخاصة في المنزل والشارع وفي اللباس والأكل والشرب والمنتزه واللهو المباح.
 
إن أعداء الإسلام يموتون غيظا من هذا التميز، كيف لا يندمج المسلم مع الآخرين اندماجا كاملا ، ولذلك جاءت هذه الحملات المركزة  في الفضائيات والمجلات وعروض الأزياء، والمسلسلات في الفضائيات العربية تظهر الأسرة وكأنها مقطوعة الصلة بالإسلام . فكلمة السلام عليكم تعتبر متخلفة ولابد أن يقال : ( باي ) و(هاي ) وgood morning أليس هذا هو الاستلاب العقلي.
 
 وفي السوق يستورد كل شيء دون رقيب أو حسيب، وحتى إن المرأة المسلمة قد لا تجد ما يناسب ذوقها ولا الشيء المناسب لأطفالها ، فهل نرضخ لهذا الهجوم الاستهلاكي ؟
 
إنني لا أضيق واسعا ولا أحب التشدد، لأني أعلم أن هناك أشياء مشتركة بين البشر وتصلح لكل البشر سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين ، ولكن الذي عنده ذوق إسلامي لابد أن ينفر من محاولات الآخرين فرض ذوقهم عليه، وهو لا يأخذ هذا المنتج أو ذاك دون تمحيص أو نظر.
أتكون الهندوسيات حين يلبسن لباسهن التقليدي أحرص على ثقافتهن من حرص المسلمات على تميزهن ودينهن؟!
 
إن مجال الحياة الذي يسمح به الإسلام واسع جدا ولكن ضمن حدود حدها ورسمها، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الداء حين قال :" لتتبعن سنن من كان قبلكم حتى لو دخلوا جحر ضب دخلتموه "