يوميات صائم .. صائمون تحت الحصار
19 رمضان 1431
الهيثم زعفان
بثت إحدى الفضائيات تقريراً عن حركة التجارة في أسواق غزة مع استقبال شهر رمضان، فكانت صورة الشوارع الخالية والمتاجر الكاسدة أشد تعبيراً من كلمات المواطنين المؤلمة والواصفة للاحتياج الشديد لأهل غزة مع ضعف القدرات بل وقلة المعروض وثمنه الباهظ.
 فحصار غزة ضيق الخناق على أهلها وتسبب في ارتفاع أسعار السلع بشكل باهظ، تلك السلع القليلة التي يتم تهريبها عبر الأنفاق.
 
إنه حصار أفسد على أهل غزة فرحتهم في شراء مستلزماتهم واحتياجاتهم في شهر رمضان مثلما يفعل المسلمون في باقي البلدان الإسلامية الآمنة.
 
وصار حال أهل غزة مع الأسواق في رمضان هو محاولة توفير الضروريات بأثمان تفوق أثمان التحسينات في بلدان أخرى.
يأتي ذلك في ذات التوقيت الذي اكتظت فيه الأسواق في معظم البلدان الإسلامية، لشراء كل ما يطلبه البيت في رمضان من ضروريات وحاجيات وتحسينات، ونصيب الأخيرة ملموس للجميع ومحل انتقاد من بعض العلماء والمراقبين.
 
وفضلاً عن حصار أهل غزة وتشديد الخناق عليهم فهم خارجون لتوهم من حرب عنيفة معلوم للجميع ما أحدثته من دمار وهلاك وانعكاس ذلك على التجارة والأعمال واكتساب الأرزاق.
 
 فهم بذلك أمام بلاء شامل فيه خوف وجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وليس لهم إلا البشارة الربانية بالاسترجاع وتفويض الأمر لله تعالى يقول سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة155-156.
 
إن ازدواج حال الأمة الإسلامية بين عدم القدرة على الشراء لطائفة منها أو حتى توافر السلع المباعة لها، وبين الإنفاق الشديد والبذخ المترف عند طوائف أخرى يعد بمثابة مفارقة عجيبة تعيشها الأمة الإسلامية وبحاجة إلى وقفة جدية، خاصة ونحن في شهر نتقرب فيه إلى الله بإطعام الطعام وإدخال السرور على الفقراء والمحتاجين.
 
فما بالنا وأهل غزة لم يكونوا يوماً فقراء ولا معوذين فهم مدفوعين إلى هذا الحال لأسباب عديدة ومتشابكة يحمل بعض أبناء الأمة القسط الأكبر من مسئوليتها.
 
وهذه المفارقة يقع عبء تخفيف آثارها على كل فرد في الأمة الإسلامية يصوم رمضان ويرجو رحمة الرحمن، فغير المقتدر يملك سلاح الدعاء فقد يتقبل الله من الداعي بإخلاص ويكشف الله الكرب عن أخواننا المكروبين.
 
أما المقتدر فعليه يقع العبء الأكبر في دعم أخوانه المحاصرين، والنفس في الأساس مشتاقة إلى إلانفاق في رمضان.
 
فهلا وضع المقتدر صائمي غزة المحاصرين في حساباته الإنفاقية في رمضان، وبحث عن المؤسسات الخيرية الموثوقة والتي تتمكن عبر القنوات الشرعية من إيصال كافة الأطعمة ومستلزمات الحياة لأهل غزة، ليخصص لها ما يوفقه الله من إنفاق يخفف به وطأة البلاء عن أخوانه المحاصرين ويعوضه الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة بإذن الله؟. سؤال إجابته لا تقبل إلا أن تكون عملية.