يوميات صائم... جهاز فاطمة و عريسها .. أمل ودعاء
17 رمضان 1431
د . ديمة طارق طهبوب

بلغت فاطمة السابعة بحمد الله، سن الصلاة و بداية الصلة الفعلية مع الله، يوم مولدها الحقيقي الذي كنا ننوي أن نحتفل به مع أصدقائها بلباس الصلاة و بصلاة العصر جماعة فيما لم نحتفل بستة أعياد ميلاد خلت من المعنى سوى انقضاء سنة من العمر كان الصالحون يبكون على انقضاء أيامها و شعارهم " ما حزنت على شيء حزني على يوم غربت فيه شمسي نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي" و كنا نأمل أن ندعو الكثيرين من أحباء فاطمة بحضور الجسد لمن يستطيع و بحضور القلب و الدعاء لمن غابوا

يعتريني دائما شيء من القلق في هذه الفواصل العمرية لفاطمة: سن الصلاة، سن دخول المدرسة، كم حفظت من القرآن في عمر كذا؟ كم حفظت من الشعر في سن كذا؟ ماذا تعرف من المعلومات؟ ماذا تتقن من المهارات؟ كيف تستغل وقت الفراغ؟ و غيرها من الأسئلة..
لطالما أعجبتني و أنا أفكر بتربية فاطمة فكرة اخواننا المصريين في تحضير جهاز العرس لبناتهم منذ ولادتهن و الهم الذي يحملونه على مدى أكثر من عشرين سنة في رص الغالي و النفيس بعضه فوق بعض حتى يصل سقف البيت و وضع قائمة بالمساهمات و الممتلكات لتعرف الفتاة ما لها و ما عليها عند زوجها
و أنا أيضا تقلقني فكرة زواج فاطمة منذ أن كانت جنينا فكنت أدعو لها و لاختها-رحمها الله- بدعاء إمرأة عمران لابنتها مريم" و اني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم" و كنت و ما زلت أدعو لها في كل ما عرفنا الله من مواطن استجابة الدعاء أن يصنعها الله على عينه و يصطنعها لنفسه و يستعملها في دينه و يلقي عليها محبة منه كما ألقاها على موسى و يعلمها كما علم آدم و يفهمها كما فهم سليمان عليهم السلام أجمعين و أن يرزقها بزوج صالح يختاره لها فلما يأتيني خاطبا أعرف أنه المقصود و المطلوب، يرتاح له قلبي و قلب فاطمة من أول نظرة و من أول استخارة، أحس انه ابني الذي لم ألده و تحس فاطمة أنه زوجها الذي خُلق من نفسها كما خُلقت من نفسه، قبل أن نسأله عن أصله و فصله و نسبه الى سابع جد و مؤهلاته و حساباته...أليست المحبة نور يقذفه الله في القلوب؟؟
أدعو أن يأتي فاطمة خاطبا لا لعيونها السود و لا لبشرتها البيضاء و لا لشهاداتها العلمية و لا لحسبها أو نسبها، أدعو أن يأتيها ساعيا لجهاز آمل أن يعينني الله على تجهيزها به
سأقول له انها تربت على محبة أبيها-رحمه الله- و في كنف أهلها و أسرتنا الكبيرة فحصلت من المحبة فضلا عظيما
سأخبره اني جهزت ابنتي بالصلاة في سن السابعة و انها من يومها لم تضيع فرضا، آمل من الله أن اخبره أن فاطمة لبست الحجاب باختيارها منذ نعومة أظفارها قبل البلوغ، تخلع و تلبس في دورة تدريبية من نفسها لنفسها فلما وصلت سن التكليف ما احتجت أن اقنعها و لا أناقشها لان الأمر كان شيئا من فطرتها رائقا رقراقا عذبا كشرب الماء
أدعو الله أن أخبره أن فاطمة تحفظ القرآن الكريم كاملا و الكثير من الأحاديث و قصص السيرة، آمل أن أخبره أن فاطمة كأمها حفصة بنت عمر كما وصفها سيدنا جبريل "إنها الصوّامة القوّامة"
آمل أن أخبره أن فاطمة تحفظ من عيون الشعر ما طاب و عف َّ و أثمر من البيان سحرا و حكمة و تتقن اللغات و تختم في كل شهر كذا و كذا من الكتب
آمل أن أجهزها بوصية أم الخنساء لابنتها قبيل زفافها اذ قالت: أي بنية انك فارقت العش الذي درجت فيه الى بيت لم تعرفيه و قرين لم تألفيه فاحفظي له خصال يكن لك ذخرا و ذكرا فأما الأولى و الثانية فالصحبة له بالقناعة و المعاشرة بالطاعة و أما الثالثة و الرابعة فالتعهد لموقع عينيه و التفقد لموضع أنفه فلا تقع عيناه منك على قبيح و لا يشم منك الا أطيب الريح و أما الخامسة و السادسة فالتفقد لموضع طعامه و الهدوء عند منامه فإن حرارة الجوع ملهبة و تنغيص النوم مغضبة أما السابعة و الثامنة فالاحتفاظ بماله و رعاية حشمه و عياله لان الاحتفاظ بالمال من حسن الخلال و مراعاة الحشم و العيال من الاعظام و الاجلال "
آمل أن أجهزها بفقه السيدة خديجة لتكون زوجة تعين على نوائب الدهر فتحصن زوجها و تزمله و تدثره اذا ما اجتاحه المرض أو الخوف أو الفاقه
أما زوجها فآمل بإذن الله أن يمهرها بحفظ القرآن و صلاة الجماعة و العلم و خدمة الناس و حسن الخلق و بر والديه، آمل أن يكون من الذين ربتهم أمهاتهم بنفسية العزة و الشجاعة كأم الخليفة محمد الفاتح ظلت تزرع فيه منذ صغره أنه الفاتح فلما شب فتح القسطنطينية أعتى حصون روما محققا حلمه و حلم أمه و حلم المسلمين
لن أطلب منه شبكة من الذهب الأصفر أو الأبيض أو الألماس، أريده أن يشتريها لفاطمة من نفسه حبا و تقديرا لا طلبا و فرضا و حسب و عند استطاعته، أريده أن يمهرها بحسن العشرة و طيب المعاملة و حلو الكلمة، آمل أن يكون في خدمة بيته و أن لا يستكبر عن الاعتذار اذا أخطأ في حق فاطمة كما آمل من فاطمة أن لا تكتحل عينيها بنوم اذا أغضبته حتى ترضيه، آمل أن تزيد به عائلتنا لا أن ينقصنا ابنتنا بزواجه منها كما آمل من فاطمة أن تصبح ابنة لأهل زوجها كما هي ابنة أهلها
آمل أن يأتيني بعد زواجهما ليقول لي "جزاك الله خيرا يا خالتي على فاطمة" فأضمهما و أشكر المنعم المتفضل أن استخدمني و أعانني و شرفني بتربية هذه الصغيرة التي ترون في الصورة و التي بلغت الآن "سن الصلاة"
هذا جهازي لفاطمة بعون الله و هذا مهرها و أدعو الله أن يكون له طلاب و مستحقون