4 ذو الحجه 1430

السؤال

خطبت فتاه لمدة سنة، أهلي كانوا معترضين على هذه الخطبة؛ لعدم وجود تكافؤ اجتماعي، وخلال هذه السنة ظهرت لي أشياء من أهلها جعلتني أنفر منهم؛ فالأم هي التي تدير البيت، وأخوها مستهتر وسجن يوما، واقترضوا مني نقودا وعندما طالبتهم بالسداد.. تملص مني أبوها، وشتمني أخوها.. وألفاظهم كلهم بذيئة.
إلا أن خطيبتي مغلوبة علي أمرها معهم، وهي متدينة وفيها كل الصفات الجميلة، وكنت أحبها.. فسخت الخطبة منذ شهر، وأنا تعيس جداً أحس أني سبب شقائها.. تركتها وأنا أحبها، وهي أغلى الناس إلى قلبي.. أنا في شقاء.. أتندم علي تركها، وأشعر أني لو كنت أتممت الزواج لكنت طلقتها. ماذا افعل حتى أنساها؟ ساعدوني أرجوكم.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الأخ السائل:
علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نختار لنطفنا، وعلمنا هذا الدين دوما أن العرق دساس، وأن الأبناء غالبا ما يخرجون متأثرين بأخوالهم وأعمامهم وأجدادهم..
وأمرنا ديننا أن نختار البيئة الصالحة كي نصطفي منها المرأة الصالحة، حتى إذا ما بدأت العشرة ودارت دورة الحياة وجدنا الأخلاق الحسنة والصفات الكريمة والمعاني النبيلة التي تديم الحياة الهنيئة وتسعد الإنسان بنسبه الجديد.
وفي سؤالك الذي سألته لم تحسن اختيار البيئة الصالحة ولم تدقق جيدا في انتقاء الأسرة التقية المؤمنة التي تأتمنها كي تكون كنفا لأبنائك وأسرتك.
ثم أجدك تمتدح أخلاق خطيبتك وتندم على فراقها وتشعر بالتقصير تجاهها، وأما نصيحتي لك في هذا الشأن فهي قائمة على أمور:
أولا: أن المرء يجب أن يغلب عقله في الاختيار لزواجه سواء فيما يخص الأسرة أو الكفاءة أو الصفات التي تخص نسبه الجديد، فيختار المرأة ذات الأصل الحسن، وذات الوالدين الخلوقين الطيبين، وذات الأخوة الدينين المؤمنين.
ثانيا: أنه قد ظهر لك بالفعل سوء أخلاقهم وسيئ طباعهم مما تمتنع معهم العشرة الكريمة لأهل الأخلاق الحسنة.
ثالثا: أنك قد فسخت خطبتك قبل الارتباط والزواج، وبالتالي لم تستطع أن ترى من خطيبتك ما يخفى من صفاتها التي قد يكون كثيرا منها متشبها بأسرتها (هكذا في الغالب إلا من رحم الله وقليل ماهم).
رابعا: إن كنت قد رأيت منها حسن أخلاق وكانت بالفعل تتصف بذلك، فلقد كنت معرضا إن ارتبطت بها لمعاناة طويلة مع أهلها، ومعاناة أخرى معها في إبعادها عن أهلها، مما يجعل حياتك دوما في صعاب متتاليات.
خامسا: لو أنك وازنت بين هذه النقاط السابقات لعلمت أنك بين خيارين: إما أن تبقي عليها مع إبعادها عن أهلها والتبرؤ من وسطها ومعاناة آلامها في بعدها عن أمها وأبيها، وإما أن ألا تبعدها عنهم وتزداد المعاناة أكثر، وكل ذلك على اعتبار شيء مظنون غير متحقق هو أن الفتاة تصلح كزوجة مناسبة.
وأنصحك إذن بترك شعور الندم على ما فعلت لأنك قد اخترت الأقرب إلى الصواب ولأن الله قد وفقك لأقرب الخيارات، وادعوا الله للفتاة أن يرزقها الله بمن يكافئها ويناسبها، وابحث أنت عن زوجة صالحة من بيئة صالحة تنبت لك نبتا صالحا.. وفقك الله.