هل عمل الفتاة ... طريق إلى عنوستها ؟
3 ذو القعدة 1430
تسنيم الريدي
أحدث عمل المرأة تغييراً كبيراً في منظومة المجتمع، وأضاف أبعاداً عديدة للعلاقة بين الزوجين قبل وبعد الزواج، تأرجحت بين الإيجاب مرة، وبين السلب مرات عديدة، لكن هل أضاف عمل الفتاة نوعية جديدة من المشكلات تبدأ من تأثيره على اختيارها لشريك حياتها، وتأثيره على علاقتها بزوجها وأبنائها بعد الزواج؟
 
كذلك وهو الأهم فقد فتح عمل الفتاة ملفات جديدة لم تكن مطروحة من قبل، فقد كانت المرأة منذ القدم ترث، أو تتاجر وتتولى مهام العمل بنفسها، أو يتاجر بمالها أخ أو قريب، ولكن خروج الفتاة للعمل على نطاق واسع أثمر حيرة ، هل تسبب خروجها في تفويت فرص العمل على الشباب الباحث عن الرزق والزواج، أم أن زيادة نسب عنوسة الفتيات جعلتهن يخرجن للعمل لأسباب متعددة؟
 
فمع تزايد مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة وكونها أصبحت تشكل 26% من إجمالي القوى العاملة، وجهت إليها الاتهامات بأنها تحتل أماكن الرجال وتضطرهم إلى البقاء في منازلهم حيث ينتظرون فرصة عمل.
 
علاقة متبادلة ... والنتيجة واحدة

توجهنا إلى بعض الشباب والفتيات لاستطلاع رأيهم حول تلك القضية ومن ثم نقوم تلك الآراء من خلال نظرة المختصين والخبراء ..

وتبدأ  ماجدة – من الكويت- الحديث قائلة : " المرأة العاملة هي كالرجل قد نسيت أنها أنثى، ويصبح من أولى أولويات حياتها، بل وإن خيرت بينه وبين الزواج فتكون له الأفضلية، وأعتقد أن العلاقة عكسية، بمعنى أن العنوسة هي التي أخرجت الفتاة للعمل، حيث أن شعورها بالنقص من تأخرها في الزواج، وفقدانها للثقة في نفسها جعلها تحاول أن تثبت ذاتها من خلال العمل وهذا جعلها تلعب دوراً هي ليست مخلوقة لأجله، ونعود لنفس الحلقة المفرغة، فبعد أن تعمل المرأة وتحقق مكانة اجتماعية جيدة، وتحقق مكاسب مالية عالية، تجد صعوبة في اختيار شريك حياة يناسبها لأنها تعتقد إن من يتقدم إليها إما يطمع فيها، أو أنه غير مؤهل للقوامة عليها".

 
ويتفق معها هاني – من مصر قائلاً : " على الفتاة أن تدرك جيداً طبيعة الرجل الشرقي الذي يرفض أن تسبقه المرأة خاصة إن كانت زوجته، وعمل المرأة دائماً ما يدفعها للأمام بالطموحات العالية، وهذا ما يرفضه أي رجل، بالإضافة إلى أن البعض يرى أن عمل الفتاة لم يجعلها " قطة مغمضة" خاصة أن كانت تختلط ببعض الرجال، كما أن العمل جعل الفتيات كثيرات الطلب، مما يجعلها تشكل عبئاً مادياً على من يتقدم للزواج منها".
 
ومن نفس الخيط تقترب فريدة – من مصر فتقول : " أعتقد أن عمل الفتاة ليس السبب الرئيسي في تأخر سن الزواج عند الشباب والفتيات، لكنى أؤمن بضرورة عمل الفتاة فور أن تتخرج، لأنها لا تضمن الزواج، ووالداها ليسوا باقيين لها لتولي مصروفاتها، ولن تبقى الفتاة عالة على أخوتها أو أخواتها لذلك يجب أن يكون لها مصدر دخل خاص، وعندما تتزوج وقتها تستطيع أن تتوقف أو تستمر في عملها بناء على ما تتفق عليه مع زوجها، لأنه في هذه الحالة ستختلف أولوياتها في رعاية زوجها وبيتها على أن ينفق عليها على أكمل وجه".
 
فتاة عاملة بلا حياء ... لا تصلح زوجة
أما ابتسام – امرأة عاملة - فقد كان لها رأي مختلف حيث تقول: " بناء على تجربتي في العمل أعتقد أنه يتسبب في تأخر سن الزواج بالفعل لا لأجل الأمور المالية التي يتطرق إليها الكثيرون، لكن لأجل بعض النقاط الحسية الأخرى، فعمل الفتاة يفقد بعضهن الحياء وذلك عندما تتعامل مع رجال حتى لو في إطار شرعي، كما إن الفتاة العاملة قد ترى بعض الرجال من حولها يأخذ راتباً كبيراً ويمتلك سيارة جميلة، وزوجته تعيش في مستوى جيد، فتقارن بينه وبين أي شاب يتقدم لخطبتها، فيتأخر زواجها كثيراً، والأسوأ أن بعض الرجال يعتقدون أن الفتاة التي خرجت لسوق العمل خاصة في مجال الشركات التجارية وما شابه ليست بريئة وعلى فطرتها، وعندما تدخل الفتاة في دوامة العمل وتسرقها السنوات وتنسى الزواج وتفيق فجأة تجد نفسها على مشارف الثلاثين وقد فاتها قطار الزواج".
 
وتتفق معها ملاك – من اليمن قائلة: " تستطيع الفتاة جلب الرزق عن طريق بعض الأعمال المنزلية التي تستطيع القيام بها مثل الخياطة أو التطريز، أو صنع الحلوى أو المأكولات وبيعها، وتدخر هذه الأموال لتقليل العبء المالي على الشاب الذي سيتقدم لخطبتها، وبالتالي ساهمت في تفاقم مشكلة تأخر سن الزواج".
 
الدافع الأساسي دخل خاص ... إثبات الذات
وتختلف معهما أنسام – من الأردن قائلة: " اعترض على توجيه أصابع الاتهام إلى عمل الفتاة، فحينما تتوفر فرصة عمل ، ويتقدم إليها شاب وفتاة بالتأكيد سيختار صاحب العمل الأفضل منهما من ناحية الخبرة والقدرة على تأدية العمل بصورة جيدة، وهنا فالفتاة مثل الشاب، لا نستطيع أن نقول لها اجلسي في البيت في انتظار " ابن الحلال" ، يجب عليها أن تعمل بشهادتها وأن تتفوق في عملها، وأن يكون لها دخل خاص بها، وهذه أرزاق لا نستطيع أن نقول أن الفتاة أخذت مكان الشاب فأصبح عاطلاً بسببها، فالدول المتقدمة كلها تعمل النساء وكذلك الرجال ولا يعانون البطالة كما هو الحال في العالم العربي".
 
وتؤيدها في الرأي منيرة من مصر حيث تقول: " فور أن تتخرج الفتاة وتظل عاماً أو عامين دون زواج – لأسباب خارجة عن إرادتها – فهذا يدفعها إلى البحث عن فرصة عمل مناسبة تدير لها دخلا مناسبا لتولى مسئوليات نفسها في الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم الآن، فللأسف الشباب الآن مهما كبر سنه حتى لو تعدى الثلاثين عاماً عندما يفكر في الزواج لن يفكر في فتاة في مثل عمره لا تعمل ، فسوف في فتاة صغيرة توافق على ظروفه البسيطة، أو أخرى في سنه تعمل براتب كبير تسانده عبره في مسئوليات الزواج.
وحتى بعد الزواج أصبح عمل المرأة عاملا مؤثرا في عدم سيطرة الرجل على زوجته وبخله عليها، فالمرأة سابقاً كانت تعيش حياة صعبة مع زوجها ولا تطلب الطلاق إن هو أهانها لأنه لا يوجد من يتولى مسئوليتها، لكن الآن لا يوجد ما يرغمها على تحمل رجل سيء الخلق والطباع، لأنها ستستطيع أن تتحمل نفقاتها ونفقات الأبناء".
 
أما هناء – من مصر فلها رأي بين الرأيين حيث تقول: " خروج المرأة للعمل ليس مرفوضاً في حد ذاته، لكن نرفضه إن كان سبباً بأي حال من الأحوال في تأخر سن الزواج، أعتقد أن خروج المرأة للعمل التطوعي لن يتسبب في هذه المشكلة، لأنها بذلك لن تأخذ مكان الرجل في العمل بأجر، وهكذا لن يكون لها يداً في بطالة الشباب لأن فرصه محفوظة كما هي، بل بالعكس ستزيد من دائرة معارفها وبالتالي تزداد فرص زواجها".
 
مفاهيم خاطئة عن الزواج والعمل
حملنا هذه الآراء إلى الداعية المصرية د.زينب كمال الأستاذة بكلية التربية جامعة الأزهر حيث تقول : " خروج المرأة إلى العمل من الأسباب الرئيسية التي تسببت في ارتفاع معدلات تأخر الزواج في عالمنا العربي والإسلامي وذلك لعدة أسباب:
1-المفهوم الخاطئ للزواج بأنه أصبح مجرد ارتباط يشبع الناحية العاطفية فقط بين الزوجين، وعدم تفهم دور الزواج وتأثيره الخطير في تكوين المجتمعات الصالحة.
2-المفاهيم المغلوطة التي تقتنع بها بعض الفتيات أن العمل هو الوسيلة العظمى لتحقيق الذات، والاستقلالية، وبناء الشخصية ، وتكوين المال الخاص، وهذا مفهوم قائم على الأنانية، فيجب أن تدرك الفتيات أن نجاحها وإثباتها لذاتها يأتي من خلال نجاحها في تكوين أسرة مسلمة، ومن تربيتها لأبنائها التربية الصالحة فهم الأجيال القادمة اللذين سيتحملون أعباء النصر.
3-تطالب بعض الفتيات الشاب المتقدم لخطبتها أو حتى زوجها بعد ارتباطهما بالماديات الباهظة، أو الإنفاق الجيد عليها، وألا يقل مستوى معيشتها عما كانت عليه في بيت أبيها، وذلك مبني على الشرع الذي يكلف الرجل بالإنفاق، فكيف تنفذ المرأة شرع الله من جانب وتركه من جانب آخر، الذي جعل من حق الرجل أن تكون زوجته بجانبه في البيت ترعاه وترعى أبناءها لقوله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله و مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" رواه البخاري.
 
وبالتالي فقد تسبب عمل الفتاة في تفويت الفرص على الشباب المطلوب منه السعي على الرزق والزواج والإنفاق على أسرته ، فنجد مع تكاليف الزواج الباهظة أن هناك الكثير من الشباب بدون عمل، وبالتالي فكرة الزواج عنده تكون بعيدة جداً وصعبة المنال، وللأسف تزداد المشكلة تعقيداً عندما نجد بعض الفتيات لا يضعن فكرة الزواج في قائمة الأهداف المطلوب تحقيقها، وينسين أنها فطرة وضعها الله في الرجل والمرأة.
وهناك بعض الأسباب غير المقنعة التي ترددها الفتيات عند خروجهن للعمل منها أنها لن تجلس في البيت في انتظار من يتقدم لخطبتها وعليها أن تشغل وقتها حتى ذلك، وهنا فليس شرطاً أن تشغل وقتها بالعمل، بل عليها أن تدرس القرآن الكريم، أو تلتحق بإحدى المعاهد التي تدرس العلوم الشرعية، وأخريات يقتنعن أنهن يجب أن يكون لديهن دخل خاص وذلك تحسباً لعدم الزواج، وهنا فيجب عليهن الأخذ بالأسباب حتى لا تعطل هدفها النبيل في الزواج بمزاحمة الرجال في العمل والزواج كالرزق بيد الله عز وجل، وإذا لم يحدث فالله عز وجل يقول: " وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ".
 
بالعمل ليست بحاجة " لظل الرجل "
وتختلف معها بعض الشيء الإعلامية وفاء سعداوي أستاذ التفسير وعلوم القرآن حيث تقول: "المفروض أن خروج البنات للعمل يوفر لهن فرصا أكبر للزواج لأنه يزيد مساحة التعارف، وإقامة علاقات مع زميلات العمل مما يحقق لها انتشارا اجتماعيا يزيد من عدد المتقدمين لها، ولا اعتقد أن الخروج للعمل السبب الأول أو الرئيسي في زيادة نسبة العنوسة، لكنه يساهم في إطار الظروف والأسباب الأخرى في وجود المشكلة؛ فعندما يكون عملها يحقق لها مركزا أدبيا ويوفر لها دخل عال لاشك يقلل فرصها في عدد المتقدمين للزواج من ناحية، ومن ناحية أخرى يصعب اختيارها لمن يناسبها لأنها لم تعد بحاجة إلى "ظل رجل" كما تعتقد الكثير من الفتيات.
 
كما أن العمل يوسع مساحة اختلاط البنت بالمتزوجات اللائي ينقلن تجاربهن بما فيها من معاناة بل قد يبدين ندمهن على دخولهن قفص الزوجية ويحسدنها على ما تتمتع به من حرية واستقلال مادي مما يجعلها حذرة متأنية جدا في الإقبال على الزواج فتؤثر السلامة برفض، أو تأجيل فكرة الزواج، كما أن الرغبة في النجاح وتحقيق المستقبل في العمل يجعلها تتقدم في السن وتمر السنون دون أن تشعر، وكلما كبرت كلما تغيرت مفاهيمها وصعب إقناعها، فالفتاة في سن صغيرة يسهل إقناعها بالفكرة ويسهل اختيارها فمازالت مفاهيمها نسبيا بريئة تجاه الزواج والأسرة.
 
ورغم ذلك لا أرى المشكلة في خروج الفتاة للعمل، فقد يكون خروجها للعمل ضرورة اجتماعية كأن يكون المجتمع في حاجة لعملها في مجالات لا يصلح للعمل بها إلا المرأة كالتدريس للبنات وتمريض وطب النساء والولادة، أو تكون هي في حاجة للعمل كأن يكون ليس لها عائل، فالعمل إذا كان بنية، فإنه يزيد الفتاة وعيا وترتيبا لأفكارها ويجعلها أكثر قدرة على فهم الحياة وفهم طبيعة مجتمعها وتحديد دورها تجاه نفسها والمجتمع وأكثر قدرة على اختيار الأدوات التي تؤدى بها هذا الدور، وفى الأجيال السابقة نماذج كثيرة لنساء حققن نجاحا أدبياً ومادياً وهن زوجات، وأخريات ذوات حسب ونسب ومال وتزوجن رجالا فقراء وكن نعم الزوجات الصالحات، ولنا في قصة زواج النبي من أم المؤمنين خديجة قدوة حسنة ، ولعله بهذه الزيجة قدم للأمة نموذج للزيجة الناجحة رغم التفاوت في السن والمال، لصحة معايير الاختيار قبل الزواج والتعامل بالقيم والمبادئ في إطار الفطرة بعد الزواج فكانت حياة مباركة سوية.
 
الشباب يفضلن الفتاة العاملة !
بل على العكس بالنسبة للشباب بصفة عامة يزداد الإقبال على الارتباط بالعاملات ويفضلون ممن تتحمل المسئولية المادية نظرا للأزمة الاقتصادية ، ففرصة الفتاة العاملة أصبحت أكبر من كل الجوانب، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تفكيرنا ومفاهيمنا تجاه الزواج والأسرة ، ليس الفتاة فقط ولكن الشباب أيضا بل المجتمع كله في حاجة لتصحيح مفاهيمه تجاه الزواج والأسرة ، فقد انعكست الآثار السلبية لأمراض اجتماعية للأسف انتشرت في مجتمعاتنا تتعارض مع روح ديننا الإسلامي وعاداتنا العربية الأصيلة، شوهت الفطرة التي عاش الناس عليها في علاقاتهم الإنسانية، تلك الأمراض أهمها الفردية والأنانية والتعايش مع الذات مما ترتب عليه التنافر والتدابر بين الناس وهذا يؤثر على الرغبة الفطرية في التآلف والتواد بين الرجل والمرأة،  وبالتالي الشعور بالحاجة إلى تكوين أسرة تشبع حاجاتهم الفطرية على المستوى الإنساني، فلم يعد البنات والشباب يشعرون بأهمية الانتماء إلى أقاربهم أو أسرتهم وبالتالي انتمائهم إلى أسرة خاصة تتألف من زوجة وأولاد، وهذا إلى جانب الشعور بالأمن الاقتصادي ساهم في تفاقم أزمة العنوسة.
ويرى الباحث والخبير الاجتماعي كريم الشاذلي أن : لكل واحد منا حاجيات يسعى لإشباعها، ومتطلبات يحاول الوفاء بها، وسواء كان ذكرا أو أنثى إلا أن دوافعه لأداء واجباته وتحقيق ما يطمح إليه يظل محتلا جزءا كبيرا من تفكيره ووجدانه
وحاجيات الواحد منا تتأرجح ما بين مطالب رئيسية " كطلب طعام وملبس ومكان يأوي إليه .. انتهاء بحاجته إلى إثبات ذاته وتحقيق غاية وجوده وصنع إنجاز يسجله له التاريخ "إنطلاقا من هذه الدوافع يخرج المرء إلى باحة الحياة، فيعمل ويكد ويتعب
وإننا لنجد أن هناك ثمة عاملان يؤثران بشكل كبير على حركة السعي والعمل وهما 
  صعوبة الحصول على الحاجيات الرئيسية من مطعم ومشرب .. بالاضافة لاحتلال بعض الأشياء مكانة هامة في مثلث الاحتياجات وانتقالها من مرحلة الرفاهية إلى مرحلة الضروريات ..فرأينا كيف أن السيارة والبيت الواسع والخوف من الغد وأهمية الادخار لمواجهته أصبحت لا تقل أهمية عن الطعام والشراب ..كل هذا كان دافعا لخروج المرأة للعمل من أجل تحقيق ذاتها من جهة .. وتوفير احتياجاتها واحتياجات أسرتها من جهة أخرى ..
والناظر إلى الفتيات اللواتي يذخر بهن سوق العمل، يجد أنهن أحد اثنتين، إما باحثة عن ذاتها، تحاول تحقيق إنجاز شخصي يخدم طموحها، وإما ـ وهؤلاء الأغلبية ـ من تحاول مساعدة زوجها أو أهلها من أجل توفير متطلبات المعيشة ..
وفي الحقيقة فإن خروج المرأة لسوق العمل ومزاحمتها الرجل أمر قد لا تستسيغه العقلية العربية، نظرا لاعتبارات شرعية في غاية الأهمية، بالإضافة إلى النزعة الذكورية الغالبة على تفكيرنا، والتي ترى بأن بيت المرأة هو جنتها وسجنها ومرقد أحلامها ..وليس من حقها أن تطمح بتحقيق أحلامها خارج جدرانه الأربعة ..
وأنا أرى أن التوازن هو لب الفضيلة، وأننا يجب أن نتعامل مع خروج المرأة للعمل من منطلق الموازنة بين حاجتها الحقيقية لهذا العمل، وعدم وقوعها في محظور شرعي، والرؤية الإسلامية تمتلك من السعة والرحابة ما يجعلها تضع الأطر السليمة لهذا الأمر
أيضا أرى أن القول بأن المرأة قد تأخذ مكان الرجل، وأن الفتاة العاملة تضيق من فرص عمل الشاب فهذا أمر لا أستسيغه من وجهة نظري الخاصة، وذلك لأن سوق العمل اليوم يعتمد على أبجديات التفوق والتميز، والأفضل هو الأحق بالوظيفة، وأنه بدلا من الخوف من الفتاة يجب أن نتجه جميعا إلى تدعيم الذات ورفع الكفاءة الشخصية للفرد .
إن مجتمعنا لا يحق له أن يجهر بخوفه من نزول المرأة لسوق العمل و تضييقها الخناق حول الرجل، وإنما يجب أن يوجه تفكيره إلى محاولة الاستغلال الأمثل للمرأة ومحاولة توظيفها في الأماكن التي تمكنه من الاستفادة منها ومن قدراتها