سمت طالب العلم ..
3 ذو القعدة 1430
د. خالد رُوشه
يهتم كثير من طلاب العلم بالبحث عن سمت طالب العلم الذي امتثله العلماء السابقون فيختلفون ويتفقون.. ويذهب كل منهم في سعيه نحو الظواهر دون البواطن ونحو المظاهر دون الجواهر !
 
وأول سيماء طالب العلم الصالح دوام مراقبة الله في السر والعلن , والسير بين الخوف والرجاء, وليملأ طالب العلم قلبه بمحبة الله سبحانه وليرطب لسانه بذكره , وإن فاته ذلك فاته دليل الطريق فمهما سار فهو تائه ..
 
ثم التواضع وهو دليل طلاب العلم الصادقين المخبتين لله تعالى, وليحذر داء الجبابرة الكبر, فتطاولك على معلمك كبرياء, واستنكافك عمن يفيدك ممن هو دونك كبرياء, وتقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر وعنوان حرمان, " فالزم اللصوق إلى الأرض والإزراء على نفسك وهضمها ومراغمتها عند الاستشراف "
 
ثم تأتي القناعة والزهادة : قال في حلية طالب العلم: "فليكن معتدلاً في معاشه بما لا يشينه, بحيث يصون نفسه ومن يعول, ولا يرد مواطن الذلة والهون, وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطي المتوفى في 17/12/1393هـ رحمه الله تعالى متقللاً من الدنيا, وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية, وقد شافهني بقوله: لقد جئت من البلاد "شنقيط" ومعي كنز قل أن يوجد عند أحد, وهو القناعة, ولو أردت المناصب لعرفت الطريق إليها, ولكني لا أوثر الدنيا على الآخرة ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية, فرحمه الله تعالى رحمة واسعة"( حلية طالب العلم لبكر أبو زيد )
 
ثم ليتحلى الطالب الصادق بحلية العلم الخاصة وسر زينتها السكينة والوقار والتحلي بالمروءة وحسن الخلق وطلاقة الوجه وإفشاء السلام , فعن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم , * قال الخطيب البغدادي رحمه الله: "يجب على طالب الحديث أن يتجنب اللعب والعبث والتبذل في المجالس, بالسخف والضحك والقهقهة وكثرة التنادر, وإدمان المزاح والإكثار منه.
 
وكذلك فعليك بالبذاذة والاخشوشان في الملبس وعدم التشبه بالأعاجم ولا بغيرهم, وكن حذرًا في لباسك لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك في الانتماء والتكوين والذوق.
والناس يصنفونك من لباسك, بل إن كيفية اللبس تعطى للناظر تصنيف اللابس من: الرصانة والتعقل أو التمشيخ والرهبنة أو التصابي وحب الظهور.- حلية طالب العلم –
 
فخذ من اللباس ما يزينك, ولا تجعل فيك مقالاً لقائل ولا لمزًا للامز, وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك, بل بحسن نيتك يكون قربة؛ لأنه وسيلة إلى هداية الخلق, وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:                 
"أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب" أي ليعظم في نفوس الناس فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق.