احتفل العالم في الخامس و العشرين من نوفمبر باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، يوم رمزي تخصصه الأمم المتحدة و المنظمات العالمية للتركيز و لو رسميا و لو في وسائل الإعلام فقط على مشاكل المرأة و الأخطار المحدقة بها .
و هذا اليوم كغيره من الأيام الأخرى المخصصة للبشر أو الفئات أو المفاهيم كيوم العمال، و الطفل و الشجرة و الأرض و غيرها، أيام متعددة على مدار السنة لا يُحصّل المحتفى بهم في هذه الأيام في معظم الأحوال سوى عبارات منمقه و شكر لفظي بينما تبقى حقوقهم منتهكه كعمال، و أعراضهم مغتصبه كنساء و الاحتلال العسكري او الفكري و الاقتصادي جاثم متغول في معظم بلادنا بينما يصدح المحتفلون: بالروح بالدم نفديك ...
أيام و أيام ترسخها معاهدات دوليه و مواثيق لحقوق الإنسان و ما بين الأيام الاحتفائيه الرسمية شهور ممتدة من سوء المعاملة و الاستضعاف .
ما تطالب به الأيام من الحقوق تذهب به الممارسات المضادة بقية السنة ، ما تزرعه الثقافة المؤقتة بيوم و ساعة و دقيقة صمت و تبرع بقرش و وقفة احترام لن يؤتي أكله إلا بسلوك دائم يحتاج لتربية اجتماعيه و ضمير فردي و مراقبه مؤسسيه ليصبح لهذه الأيام صبغة دائمة و ننتقل من فقه التنظير إلى واقع الممارسة و التطبيق.
و في هذا الموضع لا بد من الإشارة كيف كفل الإسلام قبل القوانين الوضعية درجة من التفرد النسائي فاقت الشرائع الأخرى علما من المشرع سبحانه و تعالى أن البشرية ستميل إلى استضعاف النساء فأعلى قدرهن بسورة النساء التي حفظت حقوقهن المادية و المعنوية، و درج رسول الله صلى الله عليه و سلم على تربية الصحابة على الإحسان للنساء فنبه أن الكريم من أكرمهن و اللئيم من أهانهن.
و رفع منزلتهن أن جعلهن سببا في اكتمال دين الرجال : "اذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي، و زاد بأن جعل النساء من خير كنوز الدنيا : "قلب شاكر و لسان ذاكر و زوجة صالحه تعينك على أمر دنياك و دنيك خير ما اكتنز الناس."
كما اعتمد المصطفى صلى الله عليه و سلم و الصحابة من بعده على النساء في الطبابة و التمريض و كان من بينهن التاجرات و الشاعرات و العالمات في وقت كانت المراة عند الرومان تباع عند الزواج بما يسمى "اتفاق السيادة" بينما جاء في شريعة مانو عند الهنود القدماء أن "ليس الموت و الجحيم و السم و الأفاعي و النار أسوأ من المرأة."
هذا هو الإسلام الذي إن تخلق به المرء أصبحت الأيام كلها أيام المرأة ،و أصبح الإحسان إليها عبادة، و العدل بينها و بين الرجل شريعة في قوله تعالى "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه" و إنصافها يأتي من رب البشر قبل البشر كما حصل مع الصحابية خوله بنت ثعلبه اذ جاءت تشكو ظهار زوجها إياها بعد ان قضت حياتها في تربية أولاده و رعاية شؤونه
هذا هو الإسلام الذي جعل للمرأة حقوقا كاملة و مواطنة غير منتقصه و استقلالية ماديه و روحيه و حرية في الرأي في الدقيق من خصوصياتها كالزواج، و العظيم من شؤونها كالتصرف في مالها بينما يتشدق علينا أدعياء الحرية التي تأتي مع أرتال الدبابات و أصوات الرصاص.
الحرية التي تنتهك الأعراض و تحرق الضحايا و تطمس الجرم فتحكم على المجرم بالسجن فيخرج بعد سنوات قليله بحسن الخلق، أو يكرم و يشرف !! أما الضحية فلا تعرف بالعقاب إن حصل و لا يبرأ جرحها و لا يرد شرفها لا يوم و لا أيام و لا سنون باسمها
يتهموننا بالعنف و ينظرون إلينا كشعوب بحاجة الى التأديب و التعليم و هم يمنعون مواطنيهم من النساء من التعليم و العمل و المشاركة الفعالة في الحياة لارتداء الحجاب أو القيام بفرائض الدين، يعرفون العنف حسبما يريدون و ينسون أن بيوتهم من زجاج و العنف ينخر مجتمعاتهم، إذ تشير بعض الإحصائيات مثلا أن 59% من الأطفال الفرنسيين يولدون خارج الزواج ،و أن عدد المتزوجين في بريطانيا لا يتجاوز 50.3% ،و أن مليونين و نصف مليون مراهق(ة) في أمريكا مصابون بالأمراض الجنسية نتيجة تفشي الإباحية، و 20%من الاناث المراهقات يحاولن الانتحار كل عام ،و 21% من نساء أمريكا تعرضن للاغتصاب، و أمريكا هي الدول الأولى في العالم من حيث وقوع حالات الاغتصاب و 25% من النساء البريطانيات يتعرضن للضرب، و تتلقى الشرطة 100 ألف مكالمة شكوى اعتداء سنوي
الأ تمثل هذه النسب انتهاكا صارخا و عنفا شديدا ضد المرأة،أما و بنتا و أختا و زوجة، و لكن من يحاسبهم عن نساءهم و نساءنا؟ أو يسلط الضوء على جرائمهم قبل أن يطبل لجرائمنا القليلة العدد و المستنكرة الفعل؟؟
و لكنهم يبصرون القذى في أعيننا و يغضون النظر عن العمى في عيونهم؟ فهل ينتصرون لشرف نسائهم قبل أن يقلقوا على شرف نسائنا؟