رسالة إلى أمي
13 محرم 1431
د. خالد رُوشه

[email protected]

قلب إليك يا أماه , يقطر حبا لك , ونفس تحيطك بأسمى معاني الوفاء , وعين تحرسك فلا يطرف لها جفن حتى تسلمك إلى بر الأمان , ويد حانية تمتد إليك تدعوك إلى قبول كل بذل وأغلى عطاء أملكه في دنياي .
يا سيدة الحسن : فلكم جمع الله سبحانه فيك كل جميل , قلبا رقيقا , ونفسا تقية , وروحا رفرافة , وعطاء لا ينضب ..


يا سيدة الحكمة : بأي نوع من المديح أمدحك , وقد غمرتني عبر سنيني بكل جميل .. وأي مديح ذاك الذي يكافئ نور السنين ؟!
يا سيدة العلم : فلكم علمتني أن أعبد الله , و أسجد له , واقرأ كتابه , فأحفظه ويحفظني , وأحب رسوله صلى الله عليه وسلم ..علمتني الاخلاق فتصير وسما  , والمعاني لتصير فهما والأمل ليصير حياة

 وعلمني بكاؤك في جوف الليل معنى الرجاء , ونبهتني لحظات عينيك إلى الفقراء والمساكين بمعني الشفقة عليهم , وأيقظتني طرقاتك الحانية على كتفي بينما أنا غافل فرحت أصارع المواقف الشديدة وأتحدى الصعاب .

فيا نهر الحنان , ويا شعاع القمر , كيف أتصور أن أقارن فضلك بتقصيري في حقك ؟ وكيف يمكنني أم أتحمل لحظات لا يحصل لي فيها رضاك ؟ وكيف يهدا لي بال إذا حلت بك الآلام ؟
لماذا أشعر كلما ابتسمت في وجهي أنني لا زلت صغيرا ؟ أرتاح للابتسامة ؟ لما ذا لا تفارق مخيلتي قطعة الحلوى التي دوما تقدميها إلى بينما أنا حزين عابس ؟

إن منظر الشيب عندك يذكرني بمقدار ماأحمل من فضلك , وكل مرض أو تعب يمر بك يعاتبني على ما أسلفت من غفلة عن رعايتك .. وظلال العطاء على رأسك وقسماته في وجهك لا يساميه إلا قدر عرفان وجداني بفضلك عرفانا لا يعرفه إلا من له أم مثلك
 لماذا لا أنسى كلماتك الحانية , ونصائحك الحكيمة ؟ حتى عتابك على أخطائي صار محببا إلى ..

 

يا صاحبة الوجه البسوم , والقلب الرؤوم , كم أنا مقصر تجاهك, كم أنا غافل عن حقك , كم أنا جان على أمانتك
فيا كريمة الأصل , ويا نفيسة المعدن , ويا عالية المقام , ويا من أوصاني بك ربي , ويا صاحبة الفضل الجميل , سامحيني على ما كان مني في دورة الأيام ..
واغفري لي قصر قامتي تجاه عطائك العالي السامق الرفيع , واقبلي مني حبا يملأ قلبي ووفاء تشفه روحي , ورجاء ترتعد به جوانحي ..

 لا تحرمينني صورة كفيك الضارعتين نحو السماء دعاء لي , ولا تمنعينني سماع نبرات صوتك العذب في أمنياتك الجميلة لي , ولا وداعك كل مساء بينما أرحل إلى جوف ليل مظلم ولا صورتك التي تصحبني في كل مكان , ولا نصيحتك التي توقفني في كل مدينة و طيفك الذي يذكرني في كل موضع , فإنني أيتها الحبيبة لا أتصور منك لحظة فراق ..