السؤال
أنا شاب ملتزم، ووالدي يعرض علي الزواج من فتاة غير ملتزمة من الأقارب؛ فهل أطيعه أم لا؟
الجواب
الأخ السائل..
أستطيع بلورة ما يتعلق بسؤالك عبر عدة نقاط قد تساعدك في فهم موقفك الذي أنت بصدده:
أولا: الزواج سنة نبوية مباركة وقيمة اجتماعية فاضلة، أمر بها الرسل الكرام، وشدد على المسارعة إليها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر الشباب من استطاع الباءة منكم فليتزوج"، فلا شك إذن في فضيلتها سواء للمجتمعات على استقرارها ونشر الخلق الحسن فيها وعلى الأفراد في عفتهم وسكونهم ورقي حياتهم ونشر النسب الكريم وزيادة التناسل الصالح وبناء الأسر النافعة الصالحة.
ثانيا: طاعة والدك واجب شرعي آخر مأمور به في كل الشرائع ومؤكد عليه في شتى الثقافات، والوالد دائما محب للخير الحاصل لابنه، مسارع للنفع المأمول له، يتمنى صلاحه وفلاحه كأكثر ما يكون الناس.
ثالثا: كونك متدينا ملتزما بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم يزيد من التأكيد عليك في المسارعة للزواج كونك قدوة لغيرك ومسارعا في الاستنان بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وعفة لنفسك ولتشارك في بناء جيل مسلم صالح قوي.
رابعا: تعريف الالتزام بالنسبة للفتاة أمر قد يختلف فيه الناس، ولست أدري على أي رؤية وصفت الفتاة التي قد اختارها والدك بكونها غير ملتزمة، فهناك الالتزام بالحجاب الشرعي والسلوك الخلوق، وهناك التزام بالعبادات والصلوات والأذكار وقراءة القرآن، وهناك الالتزام بالأعمال الخفية الصالحة التي هي في القلب، يدل عليها حب الدين وطاعة الله فيما أمر ورسوله فيما شرع ونصح، والالتزام إنما يكون بجميع ذلك، وتقصير الفتاة في شيء منه هو نقص في التزامها.
خامسا: أهم أنواع الالتزام وأول ما ينبغي عليك النظر فيه هو صلاح القلب، فهو إذا صلح فإن صلاح الجوارح سهل يتبعه، ولا يحتاج سوى مجرد نصيحة صادقة أو تذكرة نافعة أو تعليم وبيان..
سادسا: هناك ضابط آخر مهم أيضا هو البيئة الأخلاقية والإيمانية التي تربت فيها الفتاة ونوعية الوالدين من حيث الصفات وأصل العائلة من جهة الإيمان والأخلاق فهذا ضابط مهم جدا هو الآخر ينبغي البحث عنه والاعتناء به.
سابعا: لا تهمل سؤال الناس من المعارف الثقات والجيران الصالحين والأصدقاء الناصحين عن أسرتها وعاداتهم وصلاحهم، كما لاتهمك الكفاءة المتناسبة بينكم في الثقافة والاجتماع فهي أمر مهم أيضا في الاختيار، كذلك القبول النفسي الذي يدعوك إلى الرغبة في الزواج بها.
وأخيرا عليك بعد أن تتدبر فيما سبق من نقاط أن تبني قرارك على اعتبار الرغبة في طاعة أبيك والوصف الصحيح للفتاة التي قد اختارها لك، فإن وجدتها لا تتصف بما سبق من صفات خير فحاول جاهدا وبكل طريق مهذب وحسن أن تفهم والدك رؤيتك وأسباب رفضك أو أسباب قبولك وأحسب أنه سيتفهم قرارك إن شاء الله.