20 صفر 1432

السؤال

الحمد لله أنا متزوجة منذ خمس سنوات، وزوجي محافظ نوعاً ما، وحبنا لبعضنا يزداد سنة بعد سنة، لكن في هذه السنة تقريباً أصبحت أعاني من نفسية زوجي غير الطبيعية وغضبه الذي يزداد يوماً بعد يوم بسبب ما يقول إنه إهمال مني لحقه، هذه النفسية وهذا الغضب الذي يزداد إذا أتتني الدورة؛ فكل شهر غالباً لابد أن يغضب على أي خطأ بسيط مني (وكلنا نخطئ)، مع العلم أني لو أقصر في حقه في غير أيام الدورة ولو كان أشد من ذلك فإنه قد يتقبله، وفي أحد الأشهر كان يظن أنها أتتني ودخل ويبدو أنه غاضب علي فلما علم أنها لم تأت أشرق وجهه وبدأ يستغفر.
وفي إحدى المرات ناصحته أني إذا أخطأت أن يوجهني بأسلوب جميل مثل عادته عوضا عن الغضب ومقاطعتي فأنا في هذه الأيام أحوج إليه من غيرها، لكنه في هذا الشهر رجع وغضب علي على مزحة مني، وجهوني بارك الله فيكم لعمل ما فيه خير؛ فنفسية أبنائي تسوء في كل شهر وأعمالي ودراستي تتعطل.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الابنة الكريمة:
ابتداءً أشكر لك اهتمامك بتصفية الأجواء المنزلية في بيتك، وحرصك على إنهاء المشكلات واستشارة المستشارين في ذلك، وأجيب على تساؤلاتك في نقاط مهمة:
أولاً: أن المشاعر المكبوتة تتراكم، وتبقى دفينة لتظهر فيما بعد بأشكال أكثر بشاعة وتأخذ صوراً مختلفة، وهذه المشاعر تتحين الفرص للخروج وأكثر وقت يناسبها هو وقت الغضب فتبدو متجمعة كأنها تنادت على بعضها فجأة فيجب أن تعلمي ذلك ابتداءً.
ثانيا: لا أرى أن تربطي غضبه بمجيء وقت الدورة الشهرية فقط بل أتوقع أن هناك أسباباً أخرى، فالمرأة في بداية الزواج تهتم ببيتها وزوجها ويشعر الزوج بذلك حيث يجد منها عناية فائقة، لكنها حين ترزق بالأولاد يبدأ الانشغال والاهتمام بالولد وتنسى وتهمل متطلبات زوجها ويتدرج الإهمال فتبدأ في إهمال نفسها وهذا أول أسباب غضب الزوج عادة وقد يوجد سبب أخر قد لا تتعمدينه أيضاً وهو أنك بعد الضغوط اليومية وبعد أن ينتهي اليوم تجد المرأة نفسها وقد أنهكت قواها وصارت كأنها صورة متحركة، وكثير من الأزواج لا يعود إلى بيته إلا متأخراً، فيجدها بهذه الصورة فيشعر بإهمالها له كما قد يشعر بضياع حقه آنذاك مما يجعله غاضبا في داخله منها فيتحين الفرصة لتفريغ ذلك الغضب.
ثالثا: ألفت انتباهك إلى أن انخراط الشخص في النواحي الإيمانية والدينية كفيل في معظم الأحيان بتقليل نوبات الغضب عند الزوج، كما أن بحثنا عن حلول أمثال تلك المشكلات في السنة الشريفة مفتاح كبير لحلها.
رابعا: إن الاهتمام براحة الزوج النفسية واستقراره النفسي سيضفي على بيتك هدوءاً وسكينة وسعادة وحسن معاملة وسيجعل من السهل عليه تقبل الأوامر الشرعية من العفو والصفح والغفران وغيره.
ومما سبق يمكننا أن نبني بعض النصائح المهمة كما يلي:
1- على المرأة أن تقلل من مجهودها اليومي قدر استطاعتها، فلا داعي أن تهلك نفسها إهلاكاً في شغل اليوم، ولابد أن تعطي نفسها قسطاً من الراحة قبل قدوم زوجها إلى البيت، فتهيئ له الطعام (وليكن ذلك بإتقان الصنع وبعض الزخرفة أثناء التقديم وكأنها تقدمة لضيف، فيشعر منها بالاهتمام، وتتهيأ لقدومه بأحسن الثياب وأفضل ما عندها من العطور).
2- يجب أن تقلل الزوجة الشكوى اليومية المعتادة عند بعض النساء كلما بذلت مجهوداً، ففي آخر اليوم تكثر من التأوه فاليوم ألم بالرأس، وغداً ألم في القلب وغيرها، فالزوج يا أختاه لا يحب الزوجة المستمرضة ولكنه يحب أن يرى زوجته مضيئة فينفتح عليها بإشراقه.
3- عليك كذلك الاهتمام بحقه الذي يطلبه وخصوصا قبل مجيء وقت موعدك الشهري، فإن لذلك فوائد كثيرة، منها تفريغ شحنة الغضب لديه، والائتناس بالوجود في البيت، وإبعاده عن شبح التفكير في الفتن (خصوصا وأن بعض بناتنا تطول بهم تلك المدة الشهرية نظرا لطبيعة بنائهم الفسيولوجي).
4- أذكرك أيتها الابنة الكريمة كذلك بالسنة النبوية التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء في أيامها الشهرية المعتادة، وكيف تصنع في ذلك، فليس على الزوجة أن تجتنب زوجها بالكلية كما يظن البعض، وليس على الزوج اجتناب زوجته كما كان يفعل اليهود فلا يؤاكلونها ولا يقربونها أبداً، بل لهذا ضوابط فعليك أن تراجعي الموقف الفقهي في ذلك بضوابطه لأن المقام لا يتسع لذلك، وبالتالي يكون حل آخر للمشكلة، ففي ظلال تطبيق الشريعة تتحقق السعادة الكاملة إلى غير ذلك من معاني الخيرات والبركات.
وأخيراً.. إن تجديد النية كل يوم لكسب الثواب وإدخال السعادة في قلب زوجك واستعانتك بالله سبحانه وتعالى يعينك على السداد فيما تريدينه، فعليك الأخذ بجميع الأسباب لذلك، والتمسي من الله سبحانه العون وادعيه فإنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.