يوميات صائم ..إلا الصوم
6 رمضان 1431
د. خالد رُوشه

الأعمال الخفية , هي أكثر الأعمال بعدا عن الرياء والسمعة , وهي أكثر الأعمال مشقة على المنافقين , وأكثر الأعمال محبة عند الصادقين .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل " صححه الألباني , صحيح الجامع  .

وقال صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يشنؤهم الله  الرجل يلقى العدو في فئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه, والقوم يسافرون فيطول سُراهم حتى يُحبوا أن يمَسَّوا الأرض فينزلون, فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم, والرجل يكون له الجار يؤذيه جاره فيصبر على أذاه حتى يفرِّق بينهما موت أو ظعن, والذين يشنؤهم الله: التاجر الحلاف, والفقير المختال, والبخيل المنان " أخرجه أحمد والترمذي

والصيام من خير تلك الأعمال الخفية , حيث اجتمع فيه وصف العبادة الكاملة , ففيه الصبر على العبادة والصبر عن المعصية , وفيه الامتناع عن الشهوات جميعا , وفيه الخفاء والسرية إذ لايعلم حقيقة صوم أحد إلا الله سبحانه .

لذلك فإن الأحاديث الثابتة تبين تلك الفضيلة وتجعل ثواب هذا العمل الصالح فياضا عميما , وغامرا كريما من فضله سبحانه , يقول صلى الله عليه وسلم :"  كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به :

قال الإمام النووي رحمه الله عن سبب كون الفضل في الصوم والثواب بهذا الوجه , :"  قيل: لأن الصيام هو العبادة الوحيدة التي عُبِدَ الله بها وحده ولم يعبد أحد سوى الله بالصيام، أي لم يتقرب المشركون على مختلف الأعصار لمعبوداتهم بالصيام , وقيل لأن الصوم بعيد عن الرياء لخفائه , وقيل: لأنه ليس للصائم ونفسه حظ فيه,وقيل: إن الله تعالى هو المتفرد بعلم ثوابه وتضعيف الحسنات عليه, وقيل: إضافته لله إضافة تشريف , ولا منافاة بين كل هذه الأقوال، ويحتمل أن تكون كلها مرادة.