
تعتزم قوات الحرس البلدي الجزائري -الذي أنشأته الحكومة في التسعينيات لمحاربة الجماعات الإسلامية المسلحة- الاستمرار في التظاهر بالعاصمة الجزائر حتى تحقيق مطالبهم التي رفضتها الحكومة بعد مظاهرة غير مسبوقة أمس الاثنين للمطالبة بتحسين أوضاعهم.
وتثير هذه المظاهرات قلقا بالغا لكونها الأولى من نوعها التي تشارك بها قوات أمنية، خاصة مع موجة الاحتجاجات التي تشنها المعارضة بهدف إرساء إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية والتي تأتي في إطار موجة الاحتجاجات التي تجتاح العالم العربي وتطالب بسقوط الأنظمة الديكتاتورية والتي أسفرت بالفعل عن سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بهروبه من البلاد في 14 يناير، وسقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك بإعلانه التنحي في 11 فبراير.
وشارك في المظاهرات بالجزائر أمس الاثنين أكثر من ألفي عضو من قوات الحرس البلدي، حيث تجمعوا في ساحة الشهداء بوسط العاصمة ثم ساروا إلى مبنى البرلمان لتقديم المطالب ومنها رفع الأجور والتقاعد المبكر.
وجرى تشكيل الحرس البلدي الذي يبلغ قوامه عشرات الآلاف في بداية التسعينيات باعتباره قوة شرطة مساعدة تتركز في القرى، وذلك عندما كانت بعض التنظيمات المسلحة تشن هجمات منتظمة داخل البلاد، وهو ما أسفر عن مقتل نحو 200 ألف شخص.
وساعدت هذه القوات بشكل كبير في قمع تلك التنظيمات بعدما اتخذت السلطات حملة صارمة على المتمردين وعرضت العفو. وتقلص دور القوات في السنوات العشر الأخيرة مع تراجع وتيرة العنف، وقررت الداخلية نزع السلاح من أفراده مقابل توفير مناصب عمل أخرى.
وكان ممثلون عن القوات المتظاهرة قد التقت أمس رئيس البرلمان عبد العزيز زياري وطلبوا منه نقل مطالبهم إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في اجتماع أكدوا بعده أنهم سيعاودون التظاهر وبأعداد أكبر الخميس وفي كل محافظات البلاد الـ48.
وتتمثل أبرز مطالب الحرس البلدي في رفع الأجور بأثر رجعي بداية من مطلع 2008 (مثلما فعلت السلطات مع الشرطة)، ورفض قرار وزارة الداخلية (التي تشرف عليهم) بتوزيعهم على الجيش وحراسات الأماكن الرسمية.
كما يطالبون بمنحهم الحق في التقاعد المسبق، وبتعويضات مادية وبتوفير الحماية لهم بتسليحهم إن تقاعدوا، وأيضا بتعويضات على علاوة المردودية ومنحة الخطر وتأمينهم اجتماعيا كليةً، إضافة إلى حق الحصول على شقق وعلى العلاج كباقي أجهزة الأمن.
لكن وزير الداخلية دحو ولد قابلية اعتبر أن مطالب المحتجين "غير معقولة ولم يتم تلبيتها في أي قطاع". وقال في تصريحات أمس لموقع "كل شيء عن الجزائر" إن هذه المطالب يستحيل تلبيتها وإنها ليست تلك التي عبر عنها أفراد الجهاز في بداية الحركة الاحتجاجية.
وتحدث عن اتفاق سابق بين الطرفين نص على دفعِ مقابل عن ساعات العمل الإضافية وعلى تحسين ظروف عمل المتقاعدين ودمج أفراد الجهاز في أجهزة الأمن المختلفة حالة بحالة. وذكّر بأن أفراد الجهاز وُظِّفوا كمتعاقدين وقبلوا شرط العمل هذا.