دعا فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك المسلمين إلى أخذ العظة والعبرة من القوارع والنوازل التي تحل بديار المسلمين أو الكفار مبيناً أن ما أصاب اليابان إنما هو من جنس الأحداث التي يحدثها الله هنا وهناك بمشيئته ولحكمة يعلمها هو.

وقال فضيلته إن من الأحداث الحاضرة في الأذهان وفي الإعلام زلزال اليابان فالمؤمين بالله وكتابه ورسوله يعلمون أن هذه الحوادث وغيرها مما يقع في هذا الوجود وفي نواحي الأرض جارية بقدر, فهم يؤمنون بأنه لا يكون في العالم العلوي والسفلي حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه، وعلى وفق ما سبق به علمه وقدره، ويؤمنون بأن لله في كل أقداره حكماً بالغةًً.

وبين فضيلته بأن هذا الزلزال وأمثاله من الكوارث الكونية له معان ودلالات، فهو آية من آيات الله الدالة على قدرته على التصرف في هذا الوجود وهي أيضاً تخويف للبشرية من حلول النكبات، وتحذيرهم من التمادي في الكفر والطغيان. كما أنها أيضا ًعقوبة من حلت بهم، وربك أعلم بمواقع قدره مبيناً فضيلته أن كل الأمم الكافرة مستحقة لعقوبات الله العاجلة والآجلة: (ولايزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله) [الرعد: 31]،

وأضاف البراك أن من سنن الله تعالى أن يعاجل بعض الكافرين بعقاب يَهلِكُ به أقوام وينجو منه آخرون فيزداد جرمهم إذا لم يتذكروا، كما قال تعالى:  (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) [الأعراف: 133]، وقال تعالى: (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) [المؤمنون: 76]، وهؤلاء أسوء حالا من الهالكين.

مضيفاً أن الله  سبحانه يملي لآخرين ممن هم أكفر وأطغى استدراجاً منه بهم ومكراً (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين) [آل عمران: 178]، (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) [الأعراف: 182]، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" [متفق عليه]،  موضحاً أن أظلم الظلم الكفر والشرك وليس الظلم في الحديث مختصاً بالظلم بين العباد كما يسبق لأذهان كثير من الناس.

وبين أن سنة الله في أخذه للأمم العاصية تجري على جميعهم صغيرهم وكبيرهم، ثم يحكم الله تعالى فيهم يوم القيامة بعدله، وهو أعلم بهم ويشبه هذا ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الجيش الذي يغزوا الكعبة فيخسف بأولهم وآخرهم وفيهم من ليس منهم ثم يبعثون على نياتهم.

واستنكر فضيلته  ما يتفوه بعض المسلمين من الإعلاميين وغيرهم زاعمين أن هذه الحوادث كوارث طبيعية يريدون أنها تقع صدفة لا عن تقدير سابق وليست لمعان اقتضتها مبيناً أن هذا من الجهل الفاضح والضلال البين وأن هذه العبارة من عبارات الملحدين الذين يعتقدون أن لا مدبر لهذا الوجود، وإن كان من يطلقها من المسلمين يبرأ من هذا الاعتقاد، فالواجب الحذر من إطلاق الألفاظ المشعرة بالمعاني الكفرية والباطلة.

وسأل الله تعالى أن يرفع عنا الفتن والعقوبات وأسبابها وأن لا يؤاخذنا بما كسبت أيدينا وأن يعفو عنّا وهو العفو الغفور.