
تمكنت قوات المعارضة المسلحة في ليبيا من صد هجوم لقوات الجيش الموالية للعقيد معمر القذافي في منطقة أجدابيا بشرق البلاد، مما أعاق تقدمها نحو بنغازي معقل الثوار. كما عزز الثوار تحصيناتهم في مصراتة البلدة الوحيدة في الغرب التي بقيت تحت سيطرتهم. ونفى القذافي اعتزامه توجيه ضربة عسكرية إلى بنغازي بعد تصريحات لنجله حول "ضربة قاسمة" مرتقبة. وبحلول مساء أمس الأربعاء استعاد الثوار المسلحون السيطرة على وسط أجدابيا بعد أن كانت قوات القذافي قد سيطرت عليها يوم الثلاثاء إثر تراجع أغلب قوات المعارضة تحت وابل من المدفعية الثقيلة.
ولازالت القوات الموالية للقذافي تقف على الجهة الشرقية لأجدابيا حتى صباح الخميس. وتقع أجدابيا على بعد 150 كيلومترا إلى الجنوب من بنغازي وتطل على خليج سرت، وهي مدينة استراتيجية إذ تعتبر الطريق إلى بنغازي معقل الثوار ومهد الثورة. وقال مصطفى غرياني وهو متحدث باسم المعارضة المسلحة في بنغازي إنهم يسيطرون على أجدابيا. وأردف قائلا إن القتال ضار وإن خطوط إمدادات القذافي أصبحت تعاني ضغطا شديدا لذلك لا يمكنه مواصلة الزحف انطلاقا من أجدابيا.
وقال جبريل الهويدي وهو طبيب في مستشفى الجلاء ببنغازي إن سائقي سيارات الإسعاف القادمين من أجدابيا قالوا له إن بإمكانهم الدخول إلى البلدة والخروج منها دون مشاكل كبيرة. ومضى يقول: "الجزء الشرقي فقط من أجدابيا هو الذي يسيطر عليه رجال القذافي". وأضاف "هناك حفنة من الدبابات تطلق النار بشكل متقطع على المدينة. لكن وسط مدينة أجدابيا وغيرها من نقاط الدخول هادئة ولا يجوب أي من رجال قوة القذافي المنطقة". وفي وقت سابق يوم الأربعاء قال جنود حكوميون منهكون عائدون من خطوط الجبهة للصحفيين إنهم يجدون مقاومة متجددة من مواقع المعارضة المسلحة قرب المدينة. وسيؤدي القتال في المنطقة المحيطة بأجدابيا إلى بطء تقدم قوات القذافي إذا رغبت في تأمين الخطوط الخلفية وخطوط الإمداد.
وغربا في مصراتة، قال زعماء الثوار إنهم يعززون من تحصيناتهم للمدينة بعد أن شنت قوات القذافي هجوما بالدبابات والمدفعية على عليها يوم الأربعاء في محاولة لاستعادة آخر معاقل المعارضة المسلحة الكبيرة في غرب ليبيا. لكن قوات المعارضة المسلحة في مصراتة التي تقع على ساحل البحر المتوسط على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس قالت إنها تمكنت من صد هجوم بري على المدينة واستولت على عدد من الدبابات من قوات القذافي. وفي مسعى لحصار المدينة، أمرت سلطات القذافي بقطع كافة الاتصالات الهاتفية المحمولة والسلكية عن المدينة.
ومن جانبه، نفى القذافي اعتزامه توجيه ضربة عسكرية إلى الثوار في بنغازي، بعد تصريحات لنجله سيف الإسلام حول "ضربة قاصمة" للمدينة التي تضم مقر المجلس الوطني الليبي الانتقالي بقيادة مصطفى عبد الجليل المطلوب رأسه مقابل نصف مليون دينار ليبي. ورد القذافي على سؤال لفضائية "إل بي سي" يوم الأربعاء حول ما إذا كان يتوقع معركة في بنغازي، فأجاب قائلا "لا.. لا أعتقد هذا". وقال إن المواقع التي يتحصن فيها المسلحون "يجري تطهيرها الآن بمساعدة من الشعب"، واصفا المسلحين بأنهم عناصر "إرهابية" من "القاعدة". وكان سيف الإسلام نجل القذافي قد تفاخر في وقت سابق بأن قواته على وشك أن توجه ضربة قاسمة لبنغازي مقر المجلس الوطني الليبي الانتقالي المعارض لحكم والده المستمر منذ 41 عاما.
وقال سيف الإسلام لقناة يورونيوز التلفزيونية إن العمليات العسكرية انتهت وإن كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة. وأعلن أن القوات الليبية أصبحت قريبة من بنغازي وأن أي قرار سيتخذ من جانب القوى الغربية سيكون متأخرا. وتعتمد قوات المعارضة التي تتألف بصورة كبيرة من متطوعين صغار السن لم يتلقوا تدريبا كافيا ومنشقين من الجيش الحكومي على أساليب حرب العصابات القائمة على الكر والفر لمواصلة القتال. لكن تلك القوات على حداثتها استطاعت نصب كمين لقوات القذافي قرب طبرق وغنمت أربعة دبابات. كما استطاع الثوار اعتقال قائد جهاز الأمن الداخلي التابع للقذافي في المنطقة الشرقية. واستطاعت قوات الثوار أسر سفينة بترول تابعة لهنيبال القذافي وأطلقوا عليها اسم الشهيد علي جابر مصور قناة الجزيرة الذي قتل علي يد قوات القذافي.