
أعلن رئيس الوزاراء العراقي نوري المالكي أن نهاية العام الحالي ستمثل نهاية للوجود العسكري الأمريكي في العراق، منهيا بذلك جدلا واسعا حول الخطوة التي سعى إليها مرارا من تمديد بقاء قوات الاحتلال تحت مزاعم مختلفة.
وجاء إعلان المالكي متزامنا مع إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الجمعة بأن القوات الأمريكية ستغادر العراق بنهاية العام وهو ما ينهي الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق، وسيتم بموجبها سحب كامل ما تبقى من هذه القوات من العراق.
ووصف المالكي في مؤتمر صحفي في بغداد هذا الحدث بأنه "مناسبة تاريخية للشعب العراقي وللقوات المسلحة في العراق".
وقال: "بهذا الإعلان نكون قد طوينا صفحة من العلاقات كان يحكمها العسكر والزي العسكري .. لننتقل إلى مرحلة جديدة من العلاقات مبنية على أساس المصالح المشتركة والتمثيل الدبلوماسي".
ورغم تأكيد المالكي أن هذا الاعلان هو "برهان ودليل على أن القوات العسكرية والأجهزة الأمنية العراقية أصبحت قادرة على ضبط الأوضاع الأمنية في العراق" إلا أن الكثير من العراقيين ما زالوا يشككون بإمكانية أن تتمكن القوات العراقية من ضبط الأمن خاصة وأن القوات العسكرية العراقية ما زالت في طور النمو وأنها تعاني من عدم اكتمال بنائها وخاصة في مجال الدفاع الجوي والقوة الجوية والقوات البحرية.
وكان عدد القوات الأمريكية في العراق قد وصل الى ذروته لما يقارب 190.000 جندي في العام 2007. وقتل ما يقارب 4500 جندي أمريكي في العراق بحسب البيانات الأمريكية. وكلفت الحرب دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من 700 مليار دولار أمريكي في الإنفاق العسكري وحده.
وأسهم الاحتلال في تحول نظام الحكم في العراق من الحكم الفردي الديكتاتوري المطلق إلى نظام حكم طائفي يتحكم فيه الشيعة في مختلف جوانب الحياة فيما أضعفت إمكانات السنة، خاصة مع تقسيم العراق على هذا الأساس.
وما زال الوضع الأمني العراقي هشا شأنه شأن الوضع السياسي وما زالت الجماعات المسلحة والمليشيات تشن عمليات مسلحة دامية بين الحين والآخر رغم وجود مئات آلاف من القوات الأمنية العراقية المنتشرة في عموم البلاد والتي يبدو أنها ما زالت غير قادرة على منع وقوع مثل هذه العمليات التي تحصد في أحيان كثيرة العديد من أرواح الأبرياء.
لكن المالكي اعتبر أن: "هذا الإعلان من شأنه إزالة كل المبررات التي كانت تنطلق منها الجماعات الإرهابية والقاعدة...كانوا يتحدثون أن سبب الأزمة التي يمر بها البلد هو وجود القوات ومع انسحابها.. هذا معناه أن كل الححج لم يعد لها مجال وأن على الجميع أن يحث الخطى ويسرع لالتئام وجمع الشمل والكلمة".
ويأتي الإعلان عن الانسحاب مع فشل مساعي المالكي في إبقاء قوات الاحتلال تحت مسمى مدربين للقوات العراقية. وكانت الولايات المتحدة أصرت على منح الحصانة من اللاحقة القضائية لجنودها في العراق، وهو ما ترفضه الفصائل السياسية.
ورغم الخروج الأمريكي المزمع إلا أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أعلنت في طاجاكستان يوم السبت أن مسألة الالتزام الأمريكي تجاه المستقبل الديمقراطي للعراق ما زال قويا.
وقالت في مؤتمر صحفي في دوشنبه عاصمة طاجيكستان: "حتى مع عودة قواتنا للوطن سيظل التزام الولايات المتحدة تجاه مستقبل العراق كدولة آمنة ومستقرة وديمقراطية قويا كما كان... سينهي هذا الحرب ويبدأ فصلا جديدا في علاقاتنا".
ويرتبط البلدان باتفاقية استيراتيجية كانت قد أبرمت نهاية العام 2008 تسمى اتفاقية الإطار الاستراتيجي وهي الاتفاقية التي سمحت بتمديد بقاء الاحتلال بعد انتهاء مدة تفويض الأمم المتحدة للاحتلال في العراق.