
يدرس أبرز حزب إسلامي في الجزائر الانسحاب من الائتلاف الحاكم قبل الانتخابات ابرلمانية المقررة في إبريل، في خطوة تهدف للضغط من أجل إصلاحات دستورية تحد من سلطات الرئيس، حيث يرى قادة إسلاميون أن النظام البرلماني أنسب للبلاد من النظام الرئاسي الحالي.
وقال بوقرة سلطاني زعيم حركة مجتمع السلم الإسلامية (حمس) -المحسوبة على حركة الإخوان المسلمين- إن الحركة تؤيد النظام البرلماني بدلا من النظام الرئاسي القائم حاليا وستقوم بحملة للدعوة لتغيير الدستور.
وأضاف أن القرار النهائي في يد مجلس شورى الحركة وسيتخذه بحلول نهاية الشهر أما هو شخصيا فمع من يؤيدون فكرة الانسحاب من الحكومة والأغلبية معه.
ولن يجرد انسحاب الحركة من الائتلاف الحكومة من أغلبيتها لكن الحركة تحظى بتأييد كبير بين الجزائريين المتدينين وهم غالبية.
وأفلت الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي يحكم البلاد في ثالث فترة رئاسية له من موجة الخريف العربي التي طالت رؤساء المنطقة وأطاحت حتى الآن بحكام تونس ومصر وليبيا السابقين.
واقتصر الربيع العربي في الجزائر على احتجاجات واسعة بسبب تدني الأجور وارتفاع الأسعار، انطلقت بالتوازي مع الثورة التونسية في شهر ديسمبر 2010، لكنها لم تصل إلى حد الثورة وتغيير النظام، حيث ينظر لبوتفليقة على أنه حاكم قوي استطاع مواجهة التنظيمات المسلحة ومن بينها القاعدة التي تشن هجمات بين آن وآخر ويسقط فيها قتلى مدنيين.
وهناك مؤشرات على أن الإسلاميين في الجزائر سيحققون نتائج إيجابية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد نجاح أقرانهم في المنطقة، حيث حققت أحزاب إسلامية نتائج جيدة في انتخابات بتونس والمغرب ومصر.
وفي حال نجاح حركة مجتمع السلم في الانتخابات المقبلة فستقوم بحملة للدعوة لتغيير الدستور، ليتبنى النظام البرلماني ويقلص صلاحيات الرئيس.
وفي إشارة إلى موقف الحركة السياسي من الائتلاف الحاكم، قال سلطاني إن الظروف التي شهدت مولد الحكومة الائتلافية في 2002 انتهت وينبغي للحركة أن تجد وسائل جديدة لممارسة العمل السياسي.
وأسست الحركة التي كانت تعرف سابقا باسم حركة المجتمع الإسلامي (حماس) عام 1990 على أيدي أعضاء جزائريين من جماعة الإخوان المسلمين وتشارك في الائتلاف منذ عام 2004.
وأدانت الحركة انقلاب عام 1992 الذي أدى إلى إلغاء انتخابات كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك الفوز بها. ولم تشارك الحركة في الانتفاضة التي أعقبت ذلك وتحولت إلى حرب أهلية استمرت عشر سنوات وسقط فيها 200 ألف قتيل.
ودفعت انتفاضات الربيع العربي الرئيس الجزائري إلى رفع حالة الطوارئ المطبقة منذ 19 عاما والتي فرضت لإخماد الصراع الأهلي وفرض قبضة أمنية على البلاد واتخذت ذريعة لقمع المعارضين.
كما وعد بوتفليقة بإجراء إصلاحات من بينها السماح بتشكيل أحزاب سياسية جديدة وتحرير الإعلام وتعديل الدستور.
وأمس أعلنت الحكومة الجزائرية أنها ستدرس أوراق اعتماد خمسة أحزاب جديدة بينها حزبان إسلاميان، حيث قال وزير الداخلية دحو ولد قابلية إن التقارير الأولية التي تسلمتها أجهزته كانت إيجابية لصالح اعتماد تلك الأحزاب.
وهذه الأحزاب هي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه المعارض الإسلامي البارز سعد عبد الله جاب الله، وجبهة التغيير الوطني التي يتزعمها وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة المنشق عن حركة مجتمع السلم (الإخوان المسلمين)، بالإضافة إلى حزب الحرية والعدالة الذي يرأسه محمد السعيد (قومي إسلامي)، والاتحاد من أجل الديمقراطية والجمهورية لصاحبه عمارة بن يونس (علماني)، وحزب الجبهة الديمقراطية بزعامة رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي.
لكن سلطاني يعتقد أن بوتفليقة ليس جادا في الإصلاح وحذر من أن الناخبين سيقاطعون الانتخابات بأعداد كبيرة ما لم تنفذ الإصلاحات.
وقال إن النظام ليس جادا عندما يتحدث عن الإصلاحات السياسية وما زال يحكم البلاد كما كان يفعل دائما مضيفا أن الناس ما زالوا يعتقدون أن صناديق الاقتراع ليست سبيل التغيير ودون إصلاحات جادة سيظل المجتمع غير مستقر.
وكان عبد العزيز بلخادم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني وهي حزب علماني يقود الائتلاف قد قال الأسبوع الماضي إن الأحزاب الإسلامية قد تضاعف عدد مقاعدها في انتخابات إبريل لكنها لن تحقق الأغلبية.
ويعتقد سلطاني أن فوز حزب إسلامي سيكون اختبارا حقيقيا لسياسات الإسلاميين.
وتابع أنه على مدة الخمسين عاما التي مرت منذ الاستقلال جربت البلاد الفكر الاشتراكي والفكر الليبرالي ولم تجرب إطلاقا الفكر الاسلامي. ودعا إلى تجربة هذا الفكر ومعرفة ما إذا كان سيحقق نجاحا.