
في وقت تقدر فيه المؤسسات الحقوقية عدد ضحايا الاغتصاب على يد قوات القذافي بنحو ثمانية آلاف امرأة, خرجت ضحية جديدة للاغتصاب عن صمتها وحكت تفاصيل مأساتها.
وبدأت هذه السيدة حديثها بالقول إنها كانت تدرس في جامعة ناصر بالعاصمة الليبية طرابلس، وإنه خطر لها ولبعض زميلاتها، بعد أن شاهدت المسيرات المؤيدة للقذافي إبان الثورة، فكرة تأسيس مجموعة معارضة تحمل اسم "حرائر ليبيا".
وكانت مهمتهن نقل السلاح عبر العاصمة إلى الثوار، عن طريق استخدام سيارة إحدى الثائرات واستغلال عدم تفتيش السيارات التي تستقلها فتيات.
واضافت أن مشاركتهن استمرت على هذا المنوال، بتهريب السلاح من ثوار مدينة الزنتان إلى ثوار سوق الجمعة في طرابلس.
وتابعت: "التقينا يوم الاثنين الموافق 20 يونيو في مقصف الجامعة، بعد أن أبلغت زوجي وأخذت أوراق البحث الذي أعده لرسالة الماجستير وجهاز الحاسوب النقال. وقالت لي علياء (إحدى الثائرات) إنها خائفة من عملية اليوم، وإن ريهام (عضوة أخرى في مجموعة حرائر ليبيا) تحس بأن اليوم سيكون آخر يوم لها.
وزادت: ظللت ارتجف وقلت لهن يجب أن نخرج من الجامعة فوراً، فطلبت مني أن أحافظ على رباطة جأشي، خاصة وأننا كنا قد نقلنا حتى ذلك الوقت أكثر من 22 بندقية من طراز "كلاشنكوف" إلى أخ إحدى الفتيات، الذي كان ينتمي إلى الثوار. لم نكن نعرف أن طالبة أخرى كانت تتصنت علينا".
واستطردت: "بمجرد وصولنا أمام البوابة الأولى للجامعة، تم إيقافنا من قبل مجموعة تتكون من ستة مسلحين من كتائب القذافي. ألقوا القبض علينا أمام أعين الطالبات وموظفي وأساتذة الجامعة. وبعد تفتيش السيارة خاطبونا بالقول: يا سلام يا سلام يا جرذان (ما كان القذافي يصف به معارضيه)، وسط هتافات مؤيدي القذافي في الجامعة. لم أتوقع من أختي الليبية أو أخي الليبي هذا الموقف ... بعد ذلك تم اقتيادنا إلى إحدى سيارات هؤلاء المسلحين ذات زجاج مظلم. وبعد ما يقرب من ثلاثة كيلومترات قاموا بتغطية أعيننا نحن الأربعة. كنت لا أسمع سوى دقات قلب زميلاتي، وكنت أتذكر أطفالي الأربعة وزوجي، والخيل الذي كنت أحبه في المزرعة. توسلت لأحدهم كي أكلم زوجي ليعلم بما حدث، فقوبلت بالشتائم والألفاظ النابية. ومن ثم قاموا بضربنا والقيام بحركات منافية للأخلاق في أماكن حساسة من أجسادنا".
وقالت: "عندما وصلنا إلى وجهتنا، لم نكن نسمع أي صوت، ما عدا هدير محركات طائرات الناتو (حلف شمال الأطلسي) فوقنا. نزلنا من السيارة وأيدينا مكبلة وأعيننا محكمة الإغلاق بالقماش الأسود، وكانت هناك بعض النساء اللواتي كن يوجهن لنا أبشع الشتائم وأكثرها وقاحة. ورائحة المكان كانت عبارة عن خليط كريه من السجائر والعرق الكثيف".
وأضافت "بعدما دخلنا المعتقل أمرتنا السجانة أن نخلع ملابسنا. وبعد ذلك اقتادونا عاريات – ما عدا غطاء الأعين – إلى زنزانة تحت الأرض، وفكوا قيودنا داخل الزنزانة. كنا لا نسمع سوى نباح الكلاب وهدير طائرات الناتو. فكرنا طويلاً بكيفية الصلاة ونحن عاريات، والأرض كانت غير طاهرة وملوثة بالدماء. رغم ذلك أصررنا على الصلاة، إلا أن السجانة دخلت علينا وقطعت صلاتنا، وسخرت من أننا نصلي عاريات ووصفتنا بالعاهرات".
وتابعت: "في البداية تم اقتياد آمال وريهام إلى التحقيق، ولم نسمع بعد خروجهن إلا أصوات بكائهن وهن يتوسلن إلى المحققين ويطلبن منهم أن يضربوهن بدلاً من أن يغتصبوهن. وزادت: "ولمدة يومين لم نسمع سوى بكاء من يتم التحقيق معهن، حتى جاء اليوم الذي حضرت فيه السجانة لاقتيادنا. عندما عادت آمال وريهام إلى الزنزانة، كانت الدماء تلطخ أجسامهن – دماء من فقدت عذريتها – فقد تبادل المحققون والجلادون اغتصابهن وهن مكبلات وأعينهن مغمضة. أما أنا فقاموا بتعليقي من يديّ وعيناي مغمضتين، واغتصبوني وقاموا بضربي، دون أن أعرف من هو الفاعل. وكانت السجانات يساعدن هؤلاء المجرمين في ذلك. كان يتم اغتصابنا في اليوم أكثر من أربع مرات، بالإضافة إلى تركيز الضرب والتعذيب على الأماكن الحساسة في أجسادنا. وعندما كانوا يعيدوننا إلى الزنزانة، فإن طعامنا كان رغيف خبز واحد نتقاسمه بيننا".
من جهة أخرى, تظاهر مئات من الجنود الليبيين في مدينة بنغازي بشرق ليبيا مطالبين بدفع رواتبهم المتأخرة، في وقت أكد فيه علي الترهوني مستشار الحكومة الليبية أن هذه الأخيرة مطالبة بتقديم فرص بديلة للثوار الذين شاركوا في القتال ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، تفاديا لزعزعة استقرار البلاد.
وتجمع الجنود خارج فرع للبنك المركزي في بنغازي وهم يرتدون زيهم العسكري ويحملون أسلحتهم، وقالوا إنه على الحكومة الجديدة أن تركز على بناء جيش جديد وليس دفع مكافآت نقدية للثوار.
وقال المبروك عبد الله العريبي -الذي كان يعمل في إدارة المحاسبات بالجيش لكنه الآن في الشرطة العسكرية- إن الثوار لا يريدون الانضمام إلى جيش نظامي، ويريدون الإبقاء على وضعهم الحالي.
وأوضح العريبي أنهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ ثلاثة أشهر، وأن المجلس الوطني الانتقالي "يهمش الجيش الليبي".
وقال إنه ينبغي للمجلس الوطني أن يبدأ على الفور إعادة تنظيم الجيش، مؤكدا أن الثكنات العسكرية يسيطر عليها الثوار وليس الجيش.
من جانبه، أكد مستشار الحكومة الليبية علي الترهوني الخميس أن نزع أسلحة الثوار وإعادة دمجهم في الحياة المدنية، يشكل أحد المفاتيح لتفادي تصاعد العنف في ليبيا. وأضاف الترهوني "عليكم إعطاء أفق مستقبلي لهؤلاء الناس".