أنت هنا

22 صفر 1433
المسلم/ الرياض

استنكر فضيلة الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان المشرف العام على شبكة مواقع وقنوات رسالة الإسلام التصريحات التي صدرت مؤخراً عن مفتي سوريا، الشيخ أحمد بدر الدين حسون التي اتهم فيها عصابات مسلحة بقتل المدنيين، وادعى أن الأسد زاهد في السلطة، ويتمنى أن يترك الحُكم ويبني مستشفى للعيون, "لكن المشكلة أنه يريد أن يرى سوريا في أمان".

 

ورداً على هذه التصريحات، قال فضيلة الدكتور الفوزان في لقاء مع قناة "العربية" الإخبارية أمس الأحد "هذا الكلام الذي سمعناه من مفتي سوريا، مع الأسف الشديد، هو نفس الكلام الذي كنا نسمعه طيلة الشهور الماضية من الأسد وحكومته الباغية الطاغية".

 

واستنكر فضيلته أن تصدر هذه التصريحات من المفتي "الذي يُفترض أن يمثل وجهة النظر الإسلامية ووجهة نظر العلماء الربانيين الذين يُفترض فيهم أن يتقوا الله فيما يقولون ويفعلون".

 

وأضاف "كل ما قاله المفتى وما قرأته مما نُقل عنه في الصحف والمنتديات هو نفس الإيقونة التي ترددها حكومة الأسد التي افتضحت أمام العالم أجمع، وخسرت سمعتها الدينية والأخلاقية والشرعية خاصة أن هذه الحكومة تُمارس أبشع أنواع الظلم والقتل وسفك الدماء واسترخاص الدماء البريئة، ومع من؟!، مع شعبها الذي يُفترض أن تحميه".

 

واستغرب فضيلة الدكتور الفوزان أن يصدر مثل هذا الكلام "من عالم في مثل هذا المنصب الكبير الذي يُفترض أن يسعى لإحقاق العدل، وحفظ كرامة الناس وحرياتهم، والاستجابة لمطالبهم الشرعية التي أمر الله بها"، واستشهد في هذا الصدد بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: "أَخْوَفِ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةٌ مضلون".

 

ورأى أن تصريحات مفتي سوريا الأخيرة "لن يكون لها أي قيمة" بعد أن ظهرت الحقائق جلية وشهد العالم أدناه وأقصاه جرائم هذا النظام الباغي، مشيرا إلى أن التأثير الوحيد لهذه التصريحات هو إسقاط سمعة صاحبها وفقدان الثقة في كلامه.

 

وقال عن مفتي سوريا: "قد أعذره بأنه يواجه ضغوطاً قد تصل إلى حد التهديد بالقتل، لكن كما يقول العلماء: إذا لم تستطع قول الحق فلا تقل الباطل".

 

وأضاف: كان بإمكان الشيخ حسون "أن يبحث عن مخرج من هذا البلد الذي يُمارس فيه الظلم على أشده، وتُسفك فيه الدماء، ويُسعى لتدميره وإثارة الفتن الطائفية فيه التي يحذر هو منها مع الأسف الشديد".

 

ورداً على سؤال حول سر قيام مفتي سوريا بإعادة إطلاق هذه التصريحات رغم أنه في مرة سابقة نفى قوله لها، قال فضيلة الدكتور الفوزان: "اعتقد أن هذه التصريحات صدرت عنه في المرة الأولى وفي المرة الثانية، لكن عندما شعر أن كلامه لا يمكن أن يُقبل من عامة الأمة فضلاً عن علمائها أراد أن يجعل له طريقا للرجعة، ثم مع الأسف الشديد، أبى إلا أن يكشف عن حقيقة توجهاته وأن يعلن عنها صراحة".

ووصف فضيلته تصريحات مفتي سوريا الأخيرة بأنها "إعلان حرب على هذا الشعب العربي المسلم الأبي وعلى بلده ووطنه ومواطنيه من شتى الأديان والمذاهب".

 

وقال إن مفتي سوريا "ربط مصيره بمصير هذا النظام الذي تشهد كل الحقائق والدلائل بقرب زواله".

 

وتوجه فضيلته إلى مفتى سوريا ناصحاً: "أتمنى منه ما دام لا يزال له كلمة ويستطيع أن يتحدث عبر وسائل الإعلام ويُنقل كلامه، أن يتقي الله - عز وجل - فيما يقول وأن ينصح لهذا البلد، هو الآن له صلة مباشرة بنظام الأسد، ويستطيع أن يقول له كلمة الحق التي ربما لا يستطيع قولها كثير من الناس، أو أن يصلوا حتى لبشار الأسد".

 

وأضاف: "أقول له: اتق الله وساهم في حقن دماء هذا الشعب المبارك والاستجابة لمطالبه الشرعية، هم الآن يواجهون بصدورهم العارية كل أنواع القتل والتدمير التي يراها يوما بعد يوم وهو يعد قتلاه مع الأسف الشديد في كل يوم وليلة، أقول له: يجب أن تقف وقفة حق وتقول: إن هؤلاء يطالبون بالحرية والكرامة، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وضمان تكافؤ الفرص، والشفافية والمشاركة السياسية، ومحاربة الظلم والاستبداد، وهذا هو الطريق فعلاً لتحقيق أمن هذا البلد وبقاء النظام آمنا إن كان يريد فعلا الإصلاح".

 

ورأى د. الفوزان أنه لا ينبغي للنظام السوري أن يتحدث عن الإصلاح وهو يسفك الدماء المعصومة ويهدم البيوت على الأبرياء وينتهك الأعراض ويهدد على لسان المفتي بالحرب الأهلية بل ويسعى لتأجيجها.

 

وقال: "من أعجب ما سمعت من المفتي أنه يهدد بأن أكثر من 65 محطة للكهرباء سوف تُدمر وستبقى سوريا أكثر من سنتين بلا كهرباء، ولا أظن أن أحدا يفكر بهذا إلا هذا النظام القائم في هذا البلد الذي يقول للناس بوضوح: إما أنا أو الطوفان، إما أن أبقى مستبدا متحكما بمقدرات الوطن ومستعبدا للناس وإلا فليُدمر البلد بأكمله".

 

وحول دور علماء الدين في هذه المرحلة، قال فضيلة الدكتور عبد العزيز الفوزان: إن "دورهم عظيم وكبير"، وعليهم أن ينطقوا كلمة الحق ولا يخشوا في سبيل الله لومة لائم، وإن لم يستطع أحدهم أن يقولها "فأقل الأحوال أن يصمت أو أن يهرب".

 

واعتبر أن من "أنكر المنكرات وأشد الموبقات" أن "يساند العالم الباطل ويعين على الظلم والعدوان وهو يرى سفك الدماء ليل نهار".

 

ووجه كلمه أخيرة لمفتي سوريا قائلا له: "أتمنى منه ما دام على قيد الحياة أن يتوب إلى الله وأن يعلن براءته من هذه المظالم والجرائم التي يرتكبها النظام وأن يقول كلمة الحق".

 

وأضاف: "الشعب السوري كله والعالم الإسلامي والعالم الحر بأكمله يتمنى الأمن والاستقرار وأن يكون هناك مصالحة حقيقية وأن يكون هناك رفع للمظالم، لكن مع الأسف الشديد النظام السوري مع كل الفرص التي أتيحت له وهذه الشهور التي الطويلة من عمر الانتفاضة المباركة ما زال يسفك الدماء ويرتكب كل المظالم، ما يزال يصر على الاستبداد والانفراد بالسلطة، ولا يصدر عنه إلا وعود بالإصلاح وكلها ذهبت أدراج الرياح، وهي الوعود التي يرددها مع الأسف الشديد مفتي سوريا، أسأل الله أن يهديه ويوفقه للحق".

 

وكان مفتي سورية، أحمد بدر الدين حسون، قد حذر في تصريحات أدلى بها لصحيفة "الأهرام" المصرية السبت الماضي من وجود مخطط جاهز للتنفيذ يهدف إلى تقسيم سوريا إلى أربع دويلات، "كل منها عبارة عن حارة تركي لها أميرها وجيشها".

 

واتهم حسون عصابات مسلحة بقتل المدنيين وبإشعال النار في سوريا، مشدّداً على أن السوريين جميعاً ضد العنف، وهي نفس الادعاءات التي يرددها النظام السوري برغم كل الدلائل التي تكشف تورطه في قتل أبناء شعبه.

 

وكشف مفتى سوريا عن أن هناك مخطط لضرب 65 محطة كهرباء في سوريا ليعيش السوريون لمدة عامين بلا كهرباء، معتبراً أن الأمر لم يعد تغيير نظام وإنما تدمير أمة.