أنت هنا

1 ربيع الأول 1433
المسلم- وكالات

وصفت تركيا قرار مجلس الشيوخ الفرنسي بالتصويت لصالح مشروع قانون يجرم إنكار "إبادة الأرمن" بأنه "طائش"، مؤكدة أنها ستتخذ كل خطوة لازمة لمواجهته. كما أعلنت أنها قد تخفض تمثيلها الدبلوماسي في فرنسا كرد محتمل على مشروع القانون المفصل.

يأتي ذلك بعد أن تبنى البرلمان الفرنسي مساء الاثنين في تصويت أخير بمجلس الشيوخ مشروع القانون الذي ينص على معاقبة إنكار أي إبادة تعترف فرنسا بوقوعها، وهو قانون مفصل لصالح الاعتراف بإبادة الأرمن المزعومة على أيدي الأتراك العثمانيين بين عامي 1915 و 1917 والتي تؤكد تركيا أنها لا ترقى لمستوى الإبادة وأنها لم تستهدف الأرمن.

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن تركيا سوف تتخذ كل خطوة لازمة لمواجهة قرار مجلس الشيوخ الفرنسي.

ووصفت الوزارة قرار مجلس الشيوخ بأنه "طائش"، مؤكدة أنها ستعلن ردها من كل منبر.

وقال بيان للوزارة نشر مساء الاثنين: "إننا نستنكر بشدة هذا القرار الذي يثور من حوله الجدل من كل النواحي وهو مثال على الطيش واللامبالاة".

ومن جانبه، قال السفير تحسين بورجو أوغلو سفير تركيا في فرنسا يوم الاثنين إن انقرة قد تخفض وجودها الدبلوماسي في باريس إلى مستوى القائمين بالأعمال، مشددا على أن مشروع القانون الجديد سيفسد العلاقات بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي.

وسئل السفير إن كان سيعود إلى تركيا بعد الإعلان عن نتيجة التصويت في مجلس الشيوخ فقال للصحفيين: "سأفعل على الأرجح. ستكون دبلوماسية على مستوى القائمين بالأعمال لا السفارات".

والقائمون بالأعمال هو أدنى مستويات التمثيل الدبلوماسي المعترف بها بموجب معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

وقال السفير إن تركيا لن تقبل أبدا مثل هذا القانون، مضيفا: "لك أن تتصور كل شيء وأي شيء لأنها مسألة حساسة لتركيا والآن فإن الجميع سيدفعون ثمنا بما في ذلك تركيا وفرنسا وأرمينيا".

وكان البرلمان الفرنسي تبنى مشروع القانون، على الرغم من أن قسما من الغالبية اليمينية ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه اليسار تحفظ على النص الذي يدعمه الرئيس نيكولا ساركوزي.

وصادق مجلس الشيوخ بغالبية 127 صوتا مقابل 86 على مشروع القانون الذي كانت تبنته الجمعية الوطنية في 22 ديسمبر. ومع اعتبار مجلس الشيوخ أن النص مناسب (من دون تعديل)، يكون البرلمان قد تبنى القانون نهائيا.

ومساء الاثنين، ذكرت وسائل الإعلام التركية أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تابع عن كثب مع معاونيه المناقشات في مجلس الشيوخ الفرنسي واضعا اللمسات الأخيرة على الإجراءات العقابية المقررة من قبل حكومته في حال تبني اقتراح القانون.

ودانت وزارة الخارجية التركية "بشدة" تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي واعتبرته "عملا غير مسؤول" من قبل فرنسا. وقالت  في بيان إن "تركيا لن تتردد في أن تطبق سريعا ما تراه صائبا من الإجراءات المتوقعة" ضد فرنسا وذلك في إشارة إلى عقوبات جديدة ضد باريس.

واتهم البيان أيضا فرنسا بتحويل العلاقات التركية الفرنسية إلى "ضحية" وذلك لأهداف انتخابية. وأضاف أن "الأمر يتعلق بمبادرة سلبية باسم السياسة الفرنسية".

وفور صدور نتائج التصويت، اعتبر وزير العدل التركي سعدالله أرجن أن تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي "لا يحترم أبدا" تركيا وهو "ظلم كبير" أيضا بحقها. وصرح لقناة "سي إن إن تورك"
أن هذا القانون بالنسبة لتركيا "لاغ".

وكان نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينك أعلن أن تركيا قد تتوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإدانة فرنسا في حال أقر اقتراح القانون.

كما هددت محطة التلفزيون التركية "تي آر تي" بإنهاء مشاركتها في يورونيوز، أول محطة دولية إخبارية في أوروبا ومقرها فرنسا وهي تساهم فيها ب15,5%.

ويخشى الفرنسيون من أن يتم استبعادهم من الأسواق الكبرى خلال استدراجات العروض. وقد يؤدي ذلك إلى استبعاد فرنسا من أعمال بناء المحطات النووية أو إفشال المفاوضات لإشراك شركة الغاز الفرنسية في مشروع وضع أنبوب غاز نابوكو الأوروبي.

وينص مشروع القانون على فرض عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة بقيمة 45 ألف يورو على كل من ينكر الإبادات المعترف بها أمام القانون الفرنسي وبينها الإبادة الأرمنية. كانت باريس اعترفت في 2001 بـ"إبادة" الأرمن المزعومة في الأناضول والتي يقال إن مليون ونصف المليون شخص سقطوا فيها .

ووصف وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه هذا النص بأنه "غير مناسب". واعتبرته لجنة القوانين في مجلس الشيوخ "مخالفا للدستور".

وترفض تركيا تعبير "إبادة" ولا تعترف سوى بمجازر أدت إلى مقتل حوالى 500 ألف أرمني.