
قام زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل يوم الأحد بأول زيارة رسمية إلى الأردن بعد قطيعة طويلة استمرت 12 عاما منذ طرد كافة عناصر الحركة من المملكة. وأجرى مشعل محادثات مع الملك عبد الله أكد عقبها على حرص حركته على أمن وسلامة الأردن ورفضها أي وطن بديل للفلسطينيين.
وتعتبر هذه الزيارة تاريخية إذ تمثل تحولا من جانب الحكومة الأردنية في ظل الربيع العربي، كما تمثل تحولا في مسيرة حماس الذي ظل قادتها مطاردين ليس لهم مأوى إلا في دمشق التي يحكمها نظام شيعي موال لإيران.
ورافق مشعل في الزيارة ولي عهد قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وكانت الزيارة مقررة قبل الانتفاضة التي اندلعت في سوريا حيث يوجد المقر الرئيسي لحركة حماس خارج قطاع غزة.
ونفت حماس والأردن إمكانية نقل الحركة لمقرها من دمشق التي يوجد بها العديد من قادة الحركة بالأردن بعد طردهم منه عام 1999. واضطر بعض من نشطاء حماس وعائلاتهم إلى الرحيل عن سوريا بسبب الاضطرابات هناك.
وقال عزت الرشق القيادي البارز في حماس إن المحادثات بشأن الزيارة سبقت الأحداث في سوريا ولا علاقة لها بها. وقال مسؤولون في حماس ومسؤولون أردنيون أن أيا من الجانبين لم يناقش فكرة إعادة فتح مقر الحركة في الأردن.
وتقول مصادر دبلوماسية ومخابراتية إن مشعل (55 عاما) الذي يتخذ من دمشق مقرا له منذ عام 2001 قد غادر هذا المقر فعليا حيث كان يتمتع بأمان نسبي بعد محاولة "إسرائيلية" فاشلة لاغتياله في التسعينات.
وأشار الأردن إلى استعداده لاستضافة أسر نشطاء حماس الموجودين في سوريا وأغلبهم يحملون الجنسية الأردنية لكنه لن يسمح بممارسة أنشطة سياسية على أرضه.
ويقول محللون وإسلاميون إن الزيارة اكتسبت أهمية في ضوء الاضطرابات التي تشهدها المنطقة والتي حقق فيها الإسلاميون مكاسب كبيرة بعد ثورات "الربيع العربي" خاصة في تونس ومصر.
وقال مشعل إنه يأمل أن يعقب لقاءه مع الملك عبد الله مرحلة جديدة من العلاقات القوية. وقال إن حماس تهتم بأمن الأردن واستقراره.
وأبعد مشعل -الذي يحمل الجنسية الأردنية- إلى قطر بعد الحملة الأمنية التي شنتها قوات الأمن عام 1999 على الحركة وسط اتهامات ومزاعم السلطات بأنها "أضرت المصالح الوطنية الأردنية"، رغم ما تلقاه حماس من تعاطف وتقدير من الشعب الأردني لنضالها ضد الاحتلال.
وقال زكي بني ارشيد رئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي وهي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن إن هناك قوى لا تسعدها زيارة مشعل ويعتقدون أنها تمثل خسارة لهم.
وربما تنظر القوى الإسلامية في الأردن إلى زيارة مشعل باعتبارها إحدى ثمار موجة الربيع العربي الذي انحصر في اليمن في إطار مظاهرات واسعة تصدرها التيار الإسلامي وطالبت بالإصلاح.
وعقب لقاء مشعل بالملك عبد الله، قال في تصريحات صحفية إن حركته حريصة على أمن وسلامة الأردن واستقراره.
وقال مشعل: "نحن سعيدون بهذه الزيارة الافتتاحية ونعتبرها فاتحة خير فتحنا فيها القلوب والعقول، والأردن كان ولا يزال وسيبقى على العين والرأس".
وأكد حرص حماس "على إقامة علاقة متميزة معه"، وقال "في بداية 2012 دشنا هذه البداية المباركة بلقاء الملك عبدالله الثاني، وإن شاء الله تكون علاقات طيبة متينة تخدم المصلحة الأردنية كما تخدم المصلحة الفلسطينية".
وتابع: "وهذه مناسبة لأقول لكم أن حماس حريصة على أمن الأردن واستقراره وحريصة على مصالحه وتحترم أصول العلاقة، حيث أن العلاقات السياسية بالتراضي كما هي العلاقات الإنسانية".
وأكد مشعل أنه "في ظلال التعنت الصهيوني الذي يحتل الأرض ويشطب الحقوق وأفشل مسيرة التسوية والمفاوضات"، فإن "حماس ترفض رفضا قاطعا مشاريع التوطين والوطن البديل، ونصر على استعادة كل الحقوق الفلسطينية المغصوبة، ونصر على أن فلسطين هي فلسطين والأردن هي الأردن".
وتابع "لا شك أن العلاقة الأردنية الفلسطينية التي نبتت من خصوصية نعتز بها جميعا منذ وحدة 1951 هذه العلاقة الأردنية الفلسطينية المتداخلة، نريد أن نديرها ونعالجها بعقل وقلب مفتوحين بما يخدم المصلحة الأردنية والفلسطينية ويراعي الخصوصية والتاريخ ويحقق مصالح الجميع إن شاء الله".
وقدم مشعل شكره للملك عبدالله لجهوده بدعم الشعب الفلسطيني خاصة المستشفى الميداني في غزة، وكذلك بدعم أيتام أطفال غزة ورعايته للمسجد الأقصى".
وتابع "نحن والأردن نسير معا بما يخدم مصالح الأمة ويخدم القضية الفلسطينية، وتحية للشعب الأردني العزيز هو بالقلب وعلى الرأس".