أنت هنا

15 ربيع الثاني 1433
المسلم- موقع التناصح

رفض الشيخ الصادق الغرياني مفتي الديار الليبية سعي بعض المناطق في ليبيا إلى الانفصال بحكم شبه ذاتي ودعوات البعض لإقرار الفيدرالية في ليبيا. وحمل فضيلته "الفساد المستشري" في البلاد المسؤولية عن ذلك محذرا من أن "الفيدرالية بداية التقسيم" للبلاد وابتعاد عن شرع الله.

 

وتأتي تصريحات الشيخ الغرياني ضمن ردود الأفعال الداخلية الرافضة لإعلان زعماء قبائل منطقة برقة النفطية "إقليما فدراليا اتحاديا".

 

والشيخ الغرياني كان أحد أهم الداعمين للثورة الليبية ضد الزعيم المخلوع معمر القذافي وأعطى دافعا كبيرا للثورة في بدايتها بفتاواه المؤيدة للثورة والمطالبة للثوار بالتعاون والاتحاد معا في مواجهة تهديدات القذافي ونجله بتفتيت ليبيا. ويعتبر فضيلته من أبزر علماء ليبيا ويحظى باحترام واسع في العالم الإسلامي.

 

وحذر الشيخ الغرياني في بيان أصدره في وقت متأخر من مساء الأربعاء ونشره على موقع "التناصح" الإلكتروني التابع له، إن "الفدرالية هي بداية التقسيم، والتقسيم يؤدي حتما إلى الخلاف، ويفتح الباب للنزاع على أشياء كثيرة، منها: مصادر الثروات، وهذا هو الذي يريده أعداء الاسلام لنا (فرق تسد)".

 

وأضاف المفتي: "إذا استمر الفساد ضاربا أطنابه فـ(الفدرالية) لن تحل المشكلة، والشعور بالتهميش سيستمر، والمطالبة بمزيد من الإقليمية لن يتوقف"، مؤكدا أنه "كلما انقسمنا أحسسنا أننا بحاجة إلى مزيد من الانقسام، لأن الفساد لا يمكن أن يتحقق معه عدل في تقسيم الثروات"، داعيا الجميع إلى "الاعتصام بحبل الله".

 

واعتبر الغرياني أن "الحل الحقيقي الذي يقضي على المركزية البغيضة التي هي سبب كل البلاء هو القضاء على الفساد الإداري المتفشي، وبفرض القانون، وإدارة صارمة عادلة تراقب كل مقصِّر في عمله وتعاقبه".

 

وتساءل فضيلته: "هل عالجت الدول الأوروبية المركزية بالفيدراليات وتقسيم البلاد؟"، مجيبا: "عالجتها بالضبط والربط والصرامة في تطبيق القانون، فوصلت بذلك لخدمات من يسكن الريف والبادية بنفس المستوى الذي تصل به لمن يسكن العاصمة، فلم يجد ساكن الريف حاجةً في نفسه إلى الذهاب إلى العاصمة بل أحس بأن حاله أفضل؛ لأنه استوى مع ساكن العاصمة في وصول الخدمات التي يحتاجها، وزاد عليها بالبعد عن ضجيج المدن وضوضائها".

 

وأشار المفتي إلى أن قياس ليبيا على فدرالية الولايات المتحدة هو "مغالطة كبيرة، وخطأ فادح" لأنهما "ليسا سواء لا من حيث الجغرافيا ولا تعداد السكان، فالمسافة بين بعض مدن الولايات المتحدة تصل إلى ست ساعات طيران، وتعداد سكانها يقرب من تعداد سكان العالم العربي".

 

وقال: "لو طلبنا ولايات فديرالية تحت حكومة مركزية واحدة للوطن العربي من الرباط إلى أبو ظبي حينها يكون القياس صحيحا، لكنَّ ذلك حلم أنى لنا به".

 

وناشد الغرياني الليبيين الحفاظ على وطنهم، وقال "يا أبناء ليبيا ارحموها، ولا تضيعوها بشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب".

 

وكان زعماء قبائل وسياسيون ليبيون أعلنوا في بنغازي يوم الثلاثاء منطقة برقة "إقليما فدراليا اتحاديا" ودشنوا مجلسا انتقاليا للمنطقة، أعلنوا أحمد السنوسي رئيسا له. ودفع ذلك رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل إلى التهديد باستخدام القوة "لمنع تقسيم ليبيا".

 

وهذا الإعلان هو الأول من نوعه في ليبيا ما بعد القذافي، وتوالت بعده التحذيرات من أن يؤدي ذلك إلى تقسيم البلاد.

 

واحتج الكثير من المواطنين في ليبيا على إعلان زعماء قبائل برقة، كما أعلن الإخوان المسلمين رفضهم لهذا الانفصال محذرين من تقسيم البلاد.