
دعا خبير سعودي في علم اجتماع التنمية المجتمعات الخليجية إلى الاعتراف بوجود مشكلة الفقر في دولهم والتعامل معها بواقعية, وقال: إن الوعي بطبيعة التغيرات الاجتماعية في المنطقة يجعل من هذا الاعتراف أمراً ميسوراً, على أساس أن الفقر كان أبرز نتاجات التحولات التي شهدتها دول الخليج خلال العقود الأخيرة.
ونفى الدكتور علي بن عبدالرحمن الرومي الأكاديمي بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض أن تكون هناك نظريات بعينها في علم الاجتماع نجحت في تقديم تحليل متكامل لظاهرة الفقر وصياغة معالجات له، وأكد أن هناك أكثر من نظرية تساهم في مكافحة هذه الظاهرة. ونبّه الرومي إلى الخلل والتوتر الذي يصيب النسق الاجتماعي أثناء تحول فئات معينة من حالة الغنى إلى حالة الفقر والعوز, وأشار إلى ضرورة التفرقة بين نوعين من الفقر, الفقر الحقيقي (المدقع) والفقر النسبي، وقال: إن الثاني يُعدّ لازماً في المجتمعات البشرية، ولايُعدّ مصدراً لأي مشكلات أو خلل.
وقال أستاذ اجتماع التنمية: إن العلاقة بين الفقر والثقافة هي علاقة تفاعلية؛ إذ يفرز الفقر عناصر ثقافية تمكن الفقراء من التعايش مع واقعهم, وعد أن الثقافة من أهم الأسلحة التي يحتاجها الإنسان في مواجهته للمشكلات الاجتماعية في عمومها, وشدد على أهمية ماسمّاه "الموقف الثقافي" تجاه أنماط معينة من الأعمال وتجاه تلقي المساعدات من الآخرين. مشيراً إلى أنها "إنها عامل مهم في تقليل الظاهرة أو تزايدها".
وأوضح الدكتور الرومي ان الحساسية التي تشعر بها مجتمعات الخليج عند الحديث عن ظاهرة الفقر تعود إلى ما تملكه هذه المجتمعات من رصيد مادي وثقافي يجعل من وجود الفقر -وبهذا الحجم- أمراً محرجاً وغير مقبول. لكن الملم بطبيعة التغير الاجتماعي يعلم أن هذه المجتمعات مرت بمرحلة تغير اجتماعي متسارع، وفي فترة زمنية محدودة أتاحت الفرصة لبروز كثير من الظواهر الاجتماعية. وهي بحاجة إلى مزيد من الوقت والخبرة العملية لتتمكن من الاستفادة من رصيدها الثقافي والمادي لمواجهة المشكلة وووضعها في حجمها الطبيعي. لذا "فإن الوعي بطبيعة التغير الاجتماعي وبالرصيد الثقافي لهذه المجتمعات إضافة إلى تراكم الخبرة العملية في تناول الظاهرة كفيل -بإذن الله- بتغيير النظرة لظاهرة الفقر وكفيل بإحداث تغيير في الواقع".
ولفت الى ضرورة التفريق بين مفهومين للفقر: الفقر الحقيقي أو المدقع والفقر النسبي. فوجود الفقر الحقيقي أو المدقع -وهو عدم القدرة على الوفاء بالحاجات الضرورية للإنسان- مشكلة اجتماعية خاصة في المجتمعات الغنية. بينما الفقر النسبي –وهو عدم القدرة على مسايرة المستوى المعيشي السائد في المجتمع- لا يُعدّ مشكلة اجتماعية، بل هو أمر لازم في المجتمع البشري.