صور مشرقة من ثورة الشام (3) أبو حوران
1 رمضان 1433
عبد الرحمن الشامي

هناك في أحد مشافي عمان , لا يزال أبو عبد الرحمن  ( محمد الشريف ) يقيم منذ تسعة أشهر , لم يكن وصوله إلى ذلك المشفى سهلاً , لقد حُمِلَ إليه ليلاً عبر طرق جبلية وعرة , لقد اجتاز به الشباب حقول الألغام والأسلاك الشائكة بين سورية والأردن إلى أن أوصلوه ذلك المشفى .

 

عندما وضع أمام أطباء قسم الطوارئ كان الدم قد غطَّى بعض أعضاء جسمه النحيل , كيف لا !؟  ورصاصات الغدر والخيانة لازالت تستقر في تلك الأعضاء . لكن لماذا ضُرب بتلك الرصاصات ؟

 

هذا سؤال ما فتئت ألسنة الناس في درعا المحاصرة تتناقله , إنه رجل في السبعين من العمر ....عندما أصيب لم يكن يحمل سلاحاً , حتى سكيناً لم يكن يحملها , ليس بينه وبين أحد عداوة . إذاً ما قصته ؟ يتساءل بعض الناس ... هناك بضعة رجال في درعا يعرفون لماذا أُطلق عليه الرصاص .

 إنهم أولئك الشباب الذين حملوه إلى الأردن وغابوا عن أنظار الناس , أما أهل درعا البلد فلم يكونوا يعرفونه من قبل , بل لم يكن يرونه مطلقاً , تُرى ما الذي جعله يُصاب بين ظهرانيهم ؟ وما الذي أتى به في ظل الحصار الأمني الخانق على البلد؟ .

 

حار الناس في الإجابة عن هذه الأسئلة , لكنهم في نهاية المطاف وجدوها عندما سألوا عن صاحب تلك السيارة القديمة المحملة بالخبز والخضار والفواكه وبعض الأطعمة فلم يعثروا عليه , فعلموا أنه هو ! وعلموا بعدها أن أخلاقه الإسلامية السامية , لم تكن تسمح له أن يقبع في قريته المجاورة لدرعا وهو يسمع أن إخوانه في درعا محاصرون , لا طعام لديهم ولا شراب .

 وقد استطاع هذا الرجل السبعيني بهمته القوية أن يخترق جميع الحواجز عَبر طرق فرعية , لإيصال ما تحمله سيارته إلى المحاصرين .

واجه إطلاقاً للنار عليه عند آخر حاجز .. حيث تقف تلك السيارة ... وزاد عجبهم ودهشتهم عندما علموا أنها لم تكن أول مرة أتى بسيارته المتهالكة لمساعدتهم , إنما كانت المرة الثلاثين , هناك أكثروا له من الدعاء بالشفاء , وأطلقوا عليه لقباً لم يطلقوه على أحد من قبله , نعم لقد لقبوه : ( أبو حوران)