ها هم المتظاهرون في مدينة حرستا القريبة من دمشق يتوقفون عن سيرهم البطيء وإنشادهم المستمر ليأخذوا بالهتاف : أبو سعيد ... ( تكبير ) ... الله يحميك ... ( تكبير )
كان ذلك قبل أن يقول من يقوم بالهتاف لهم أن أبا سعيد على الخط عبر الموبايل .... صمت الجميع ليسمعوا صوت حبيبهم ومشعل ثورتهم ( أبي سعيد ) : ألقى أبو سعيد تحية الإسلام عليهم , وحياهم وطلب منهم متابعة ثورتهم ...
وضبح هؤلاء مرة أخرى بالتصفيق والهتاف : أبو سعيد ... الله يحميك , فمن يا ترى أبو سعيد؟ :
- إنه قاشوش حرستا ( أيمن الدحدوح ) , منشد الثورة في حرستا لعدة أشهر , بعدها أصبحت حنجرته مطلوبة للأمن السوري كما طلبت حنجرة قاشوش حماة.
لقد أصبح اسمه في رأس قائمة المطلوبين , والأمن لا يغادر حيَّه بحثاً عنه , أما بيته فيتعرض كل يوم إلى اقتحام إثر اقتحام , ومداهمة إثر مداهمة .
فما كان منه إلا أن غادر مدينته الحبيبة ميمماً وجهه إلى الأردن ...
ويبقى أبو سعيد شهوراً عديدة في منفاه , وفي كل يوم يمني النفس بالعودة إلى أحضان الوطن , ويشتد شوق أبي سعيد للثورة , وتشتاق حنجرته للهتاف والإنشاد , فيعود أدراجه لينشد مرة أخرى :
سألتنا أم الشهيد سألتنا عن يوم العيد
قلنا ما عاد بعيد بكره جايه الحرية
ويفرح الثوار برجوعه إليهم ويرددون خلفه تلك الهتافات , ودموع الفرح تذرفها أعينهم لعودته , وما هي إلا ثلاثة أيام بعد عودته حتى دوهم المنزل الذي يتوارى فيه , ويسمع الجيران صوت الرصاص , فيعلمون أن قاشوش مدينتهم هو المطلوب,
وبعد فترة وجيزة أعلن أهلوه نبأ مقتله فبكته زوجته وأطفاله الثلاثة وجميع من عرفه من مدينة الزيتون ( حرستا ) وغيرها من المدن السورية الثائرة , وتمضي الثورة في حرستا قدماً بدون قاشوشها هذه المرة , لكن أصداء صوته العذب تزال تقرع أسماع أهلها في كل آن وفي كل حين .