بأيةِ حالٍ عادَ العيدُ يا شامُ ؟!
4 شوال 1433
رمضان الغنام

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ  ** بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
بينما تكبيرات العيد تدوي في سماوات سوريا، ويتبادل المسلمون التهاني بمقدم عيد الفطر المبارك، استهدفت القوات الخاضعة لإمرة طاغية سوريا بشار الأسد مساجد حمص في وقت صلاة العيد، كما تم إطلاق قذائف الفوزديكا والمدفعية على ثلاث مساجد في الوقت الذي كان يستعد فيه لتأدية الصلاة والتكبير، وأدى القصف العنيف والمستمر على المساجد إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى داخل المساجد.
******
أضرب بربك أيها المغـوارُ    **     أضرب فديتك أن ينالك عارُ
إنزع رداء الذل عن أجسادنا   **    وأحيـي قلـوب أحبةٍ أخيارُ
إن النجاة من القيودِ مفـازةٌ    **     فاظفر بنصرٍ من يديك ثمارُ
قد مر عيد وعيد وعيد، وقلوبنا منفطرة على أهلنا في سوريا وعيوننا دامعة مسهدة، ومهجنا تائهة في بحر لجي من الأسى، لكنه أسى قد مُزح بفرحة (غير أنها لم تولد بعد)، لكن الذي يصبِّّر النفس ويدفع عنها شبح اليأس أنّ نواصي المجاهدين في سوريا معقودة بإحدى الحسنيين؛ إما النصر- وهو المأمول من رب كريم ودود- وإما الشهادة وهي أمل كل نقي تقي ورع باع نفسه وماله لله رب العالمين، ويصبِّر النفس كذلك أن النصر قد بزغ نجمه، وهلت بشائره، وأن عروش الطغيان قد زلزلت وقرب سقوطها، فصبرا يا أحرار صبرا.. إن نصر الله قريب..
******
تعالت صرخـة الإيمان فينـا    **   نــدكُ بها عـروش الكافرينـا
عقدنا العـزم أن نبقى جنـودًا    **   ليـوثًا ننصـرُ الحقَّ المـبينـا
ولـو ولت جمـوعُ الناس عنا    **  فــإنا بالهـدى مستمسـكونـا
ولا والله لن نبقـى حيــارى   **   فنغــرق في بحـار التائهينـا
فنصـرُ الله لا يـأتي لقــوم   **   إذا لاقــوا تـولّوا مـدبرينـا
كل عام أنتم مجاهدين يا أهل الشام، كل عام أنتم شهداء، يا مجاهدي الشام... تقبل الله صومكم وصبركم وجهادكم، وجزاكم الله عنا وعن الإسلام خيرا..فقد تكالبت عليكم أمم الكفر والبغي والعدوان، وخذلكم القريب والبعيد، لكنكم رغم ذلك صمدتم وصبرتم، وما خنتم الأمانة، وما فرطتم في حملها، وما تركتم الثغر، وما اثاقلتم إلى الأرض كمن نافق وغدر، فلله دركم يا درر الشام ويواقيته.
******
ما للنفوس عن الجهاد تميل ؟!    **   أو ليـس فيـه تنزل التنزيل ؟!
أو ليس منه تربت الأجيال من   **   عهد الصحابة نعم ذاك الجيل ؟!
أو ليس عقداً رابحاً مع ربنا ؟!   **   وعـداً من الرحمن لـيس يزول
فقد اشترى أموالنـا ونفوسـنا    **   بجنــان خلـد قـاتلٌ وقـتيل
نعم إن لسان حال إخواننا في سوريا وغيرها من بلداننا المنكوبة يقول: ما للنفوس عن الجهاد تميل ؟! وما لحكام المسلمين عن قضيتنا لاهون؟ وما للمسلمين ما عادت تحركهم الدماء التي تسيل والأرواح التي تزهق؟ وما لهم قد تبلدوا أمام توجع الموجوعين وكرب المكروبين من أهل سوريا من الأطفال والأرامل والعجزة والمحتاجين؟ ثم أين أنتم وراية الإسلام تمزق ورايات الكفر والشرك والبغي ترفع وترفرف؟
******
قالـوا أسيـر قـد بـراه أســاره  **  في سجنـه وهمـومـه أســرارُ
أنـا إن أسـرت أنا الهزبـر شجـاعة  **  بمكيـدة قـد صـاده غــدارُ
ولأن أســرت أنا المهنــد مغمــد  **  ولـدى اللقـاء يسلـه الكـرارُ
سلام الله عليكم يا أسرى العزة والكرامة، تقبل الله منكم الصلاة والصيام والجهاد والكفاح، فبفضل إقدامكم وشجاعتكم ستزول دولة البغي وسيمكن –بإذن الله- لدولة الحق من جديد، لتعود سوريا ومعها الشام كله لسابق العهد أيام كان حصن الإسلام وركنه الشديد، فصبرا فإن أبواب سجنكم ستفتح عما قريب، وستخرجون بهامات مرفوعة ونفوس أبية وعزة ما بعدها عزة، (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
******
قالوا علام خرجـت قلـت لأنني   **   حـرٌّ سمعت توجع الأحـرار
وسمعت نوح المسلمات فقمت كي   **   أفديهم بالنفـس والأعمــار
ورأيت دمع يتيمة تبكـي علـى    **    فقــد الأحبة تحت كل دمار
ورأيت أمّاً تحتمـي وصغارهـا    **    فــي خيمة محروقة بالنـار
بينما تتزين بلدان المسلمين بمقدم العيد تتشح سوريا وغيرها من بلداننا المنكوبة بالسواد حزنا وكمدا على فقد الأحبة، وبينما يستقبل الأطفال العيد بلبس الجديد واللعب والهدايا يستقبل أطفال سوريا عيدهم بالبكاء على ذويهم وسط القصف والضرب والحصار، فعذرا يا أطفال سوريا قد كبرتم قبل الأوان، وتحملتم من العناء والبلاء ما ينوء به الرجال.
******

والعيـد سعْد لجـند المسلمين إذا  **   ما جندلوا الكفر في الساحات أو قَتَلُوا
وقرّة العين في الأعياد حين تـرى  **  وجـه الشهـيد عـلاه النـور والأمـل
العيـد مجـدٌ وعزّ حين نذكــره  **  نسـرّ حقّـاً وتبــكي دمعهـا المقـل
وعيـدنا في بلاد الشام نفتحــها  **  ونـرفع الرايــة الســودا ونرتـجل
فها قد مضى عيد ثم عيد ثم عيد ليثبت الشعب السوري أنه شعب أبي، عزيز النفس، صامد على درب الكفاح والجهاد؛ نصرة لله ولدينه، وللثكالى واليتامى والرضع...فرح السوريون بصومهم، وشكروا الله على منِّه وفضله، وأن بلغهم رمضان، لكن فرحتهم الكبرى لم تزل معلقة بسقوط طاغيته سوريا، وعيدهم لم يتم بعد، حتى يطيح الله تعالى برؤوس العتاة الجبابرة، الذين جعلوا من أنفسهم أندادا لله، فحاربوه وحاربوا أوليائه وعباده.