16 صفر 1435

السؤال

أنا فتاة في السادسة والعشرين من العمر، تقدَّم لي شاب لخطبتي من 3 سنوات وقوبل بالرفض من أبي وأمي، فقط لأنه غير وسيم، وهم مهتمون بالشكل والمظهر فقط.
على العلم بأن هذا الشاب على قدر عال من الخُلُق والدين، كما أنه أصر على التقدم لي بعد ذلك أكثر من مرة.
أنا أعرف أنهم يحبونني جداَ ويريدون لي أفضل شيء ولكن ليس بالمظهر نحكم على الأشخاص.
مشكلتي الآن، هو يقول لي أننا سلكنا جميع الطرق ولكنهم لا يوافقون ويريد مني أن أتزوجه من غير رضاهم، وأنا محتارة جداَ ولا أعرف ماذا أفعل؟؟ فأنا لا أريد أن أغضب أبي وأمي وفي نفس الوقت لا أريد ترك هذا الشاب المتمسك بي مدة ثلاث سنوات، وقد فعلت كل الحلول ولا أجد أحدا من أهلي يوافق أن يكلم أبي وأمي؛ لأنهم يخافون من أبى فماذا أفعل؟؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

أولاً: أقدم لك شكري وتقديري على هذه الكلمة الصادقة التي إنما تخرج من نفس طيبة وهي قولك: "لا أريد أن أغضب أبى وأمي"..
هكذا تكون البنت المسلمة العفيفة التي تهتم بأمر دنياها وآخرتها معاَ، حيث إن رضا الوالدين خير سعادة الدنيا والآخرة.
ثانياَ: أشعر من حديثك حب الارتباط بهذا الشاب وذلك لتمسكه بك، وإنني أعتقد أنه متمسك بك؛ لما وجده عندك من اتزان في التفكير ومراعاتك لتقييم الأمور، وذلك اتضح في عدم انجرافك لرغبته والبحث لطلب المشورة في قضيتك.
لكن عليك أن تنتبهي لعدة نقاط:
1- أنك وصفت هذا الشاب بحسن الخلق، لكن شيئاً ما أظهر عكس ذلك وهي مقولتك "ويريد أن أتزوجه من غير رضاهم" أي من غير رضا والديك، فهذا التفكير صعب أن يخرج من صاحب دين وخلق، لأنه لو كان له أخت وفي نفس موقفك يستحيل أن يوافق لها الزواج بهذه الطريقة، فعليك أن تعلمي أن الذي يحب إنسانا لا يرضى له الانغماس في هذا الخطأ.
2- أيضاَ إياك أن تنخدعي بالكلام المعسول الذي يتداوله الكثير من الشباب، لكن كوني فطنة ذكية فالمؤمن كيس فطن كما وضح لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فإياك أن ترضخي لطلبه بزواجه لك دون رضا أبويك، لكن كوني البنت التي تخرج يوم زفافها من بيت أبيها فائزة بدعائهم لها ودموعهما تتساقط لفراقها، رافعة الرأس تتوج بتاج الاحترام ممن حولها.
3- عليك أن تعلمي أن كل العهود التي يضعها أمامك والأحلام التي يرسمها وأنت في بيت الزوجية (ذلك البيت الذي يبنى دون أساس الآن) ستتحطم بعد الزواج مباشرة، ذلك الزواج المبني على غير رضا الأهل، يقول الله تعالي: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ_ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة:109].
4- ولكي تحكمي على الأمور بدقة، اجلسي مع والدك جلسة صراحة خالية من تعصب الحوار وتصلب الرأي، وحاولي أن تفهمي سبب رفضه لذلك الشاب، افتحي قلبك واعلمي أن الأب والأم ذو خبرة سنين طويلة، فمن المؤكد أن سبب رفض الوالدين لا يتعلق بموضوع الشكل والوسامة، لكن له أسباب أخرى كثيرة جديرة بالرفض.
5- عليك ألا تنكبي على هذا الشاب واجعلي قرار حياتك في تحكيم عقلك قبل قلبك، وناقشي كل كلمات الحوار الذي وضحها لك والدك مع نفسك، واعرفي السلبيات والإيجابيات، وعليك أن تعلمي أن كل علاقة قبل الزواج تنتهي بالفشل بعد الزواج بل وتكون سراً من أسرار التعاسة الزوجية.
الابنة السائلة:
نعم علمنا ديننا العظيم اختيار الزوج صاحب الخلق والدين كما وضح لنا النبي صلي الله عليه وسلم أن المرأة لابد أن تتزوج بعلم وبموافقة وليها فقد قال صلي الله غليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
فكان ذلك سبب في صحة العقد، ففعلاَ إن كان ذلك الشاب صاحب خلق كما تدعين فإنه لا يرضي أن يبني حياته على الفعل الحرام.
ولابد معرفة خصال صاحب الخلق والدين وهي المحافظة على الصلاة وتلاوة القرآن، والمحافظة على حدود الله تعالي، والذي يخاف الله سراَ وعلانية ويخاف أن يغضب ربه، بل ويكون مطيعاَ لوالديه باراَ بهما، المتحلي بالأخلاق الكريمة.
لذلك فاتركي الحكم على أخلاقه بإرسال بعض من أهلك ممن تثقين فيه للتحري والسؤال عنه، فإن كان صاحب سيرة طيبة فحاولي تدخل احد الأقارب ممن يمتاز بالهيبة والتأثير أمام والدك ليقنع والدك.
و إن كان غير ذلك فاعلمي أن ذلك اختيار الله تعالي، كما عليك اللجوء لله تعالى بالدعاء لتدبير أمرك بأن يختار لك الزوج الذي يرفع من شأنك وشأن والديك.
واعلمي أن الله تعالى لن يخزيك أبداً ما دمت حافظت على رضا والديك وسوف يمنحك سعادة في القلب لتلك الطاعة وذلك النهج.