السؤال
أنا أنثى أبلغ من العمر 20 سنة، تزوجت من رجل يبلغ من العمر 26 سنة، عقب عقد القران تبيَّن لي حجم جفاوته، لم أعش معه لحظة كـعروس، تجاهلت ذلك منه، أملاً أن يتغيَّر بعد الزَّواج، فيه من الكبر وقلَّة الاحترام ما يُغرق مدينة، بقيت معه 5 أشهر، ومازلت "بكرًا" حاول مرة واحدة، وساعدته، ولكن ليس لديه القدرة، بعدها سكت، وأكملنا الشَّهرين، وعندما فاتحته بالموضوع، صارحني بأنَّها نفس خبيثة "عين"، حفَّزته وشجَّعته أن يذهب لشيخ يرقيه، ذهب لأسبوعين للرُّقية، وحاول بعدها مرتين فقط، وعجبي أنَّني لا أرى منه القلق! ومع ذلك يتصرَّف بجفاوة، ينفق علي بضيق وكدر، ولا يريد منِّي أن أطلب منه تأثيث المنزل، ويتعذر بأنَّ منزلنا مستأجر، ولا أرى منه أيَّ تودُّد أو رحمة، بعد 5 شهور، رجعت إلى بيت أهلي، وعندما طلب أهلي منه العلاج، قام بالاتصال على أمِّي وسبَّها وشتمها، وهي لم تقل له أيَّ شيء، ويقول لإخوانه وأهله بأنَّه يصرف عليَّ في الشَّهر 3000 ريال، وهو يكذب!! بدأت التناقضات من أهله يقولون: سليم، ويحتاج يأكل حبوب نفسيَّة لمدَّة شهر، ومنذ رجوعي لأهلي حتَّى اليوم شهر ونصف، لم أرَ منه أيَّ تواصل يُذكر، صلاة الفجر لم يقم لها إلا ليلة الزَّواج! وصلاة العصر يتأخَّر جدًا فيها، أحسُّ برهبة من رجوعي لو طلبوا ذلك منِّي، لا أستطيع أن أحسن الظَّنَّ فيه! أشعر بخوف وقلق من عودتي إليه. ماذا عليَّ أن أفعل؟. أرشدوني مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
أختي الفاضلة: أشكركِ على ثقتكِ، بموقع المسلم، ومتابعتكِ له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أختي الكريمة: فهمت من عرضكِ لمشكلتكِ، أنَّكِ تعانين من سوء سلوكِ وتصرفات زوجكِ تجاهكِ، تقولين عنه أنَّه متكبر وغير مكترث بكِ، لا يقدِّرك ولا يحترمك، ويعاملك معاملة سيئة، وتذكرين أنَّكِ لكِ معه فترة طويلة كزوجة، ولم يتوصل بعد للزَّواج منك، مع محاولته لذلك ومساعدتك له، ونصحك له بالرُّقية الشَّرعيَّة، وذهب مرتين فقط للرَّاقي وانقطع، ولم يستطع الوصول لك بعد القراءة عليه مرتين فقط، وتضاعفت المشكلة معك، فآثرت البقاء عند أهلك عن العيش معه، وأهملك تمامًا وأنت عند أهلك، بل أدَّى به الأمر أن يتَّصل بوالدتكِ، وقام بسبِّها وشتمها، وتطلبين النُّصح والتَّوجيه، لا عليك أختي الكريمة، فقد وصلت لبرِّ الأمان، فلن تعدمي من إخوة نصَحَة في موقع المسلم، يرشدونك لأفضل السُّبل والطُّرق لمعالجة مشكلتك، ويمكننا تلخيص علاج مشكلتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: زوجك مريض.
من خلال عرضك لمشكلتك وأحداثها، واضح كلُّ الوضوح أنَّ زوجك مريض، وفيه عين قويَّة، ولذلك لا بدَّ من ملازمته لراقٍ خبير، يستمرُّ معه إلى أن يكتب الله له الشِّفاء، فما أنزل الله بلاء إلا ووضع له دواء، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ولذلك حثِّيه على الذَّهاب إلى الرَّاقي، واطلبي من كلِّ من يؤثِّر عليه أن يقنعه بالاستمرار عند الرَّاقي، لعلَّ الله أن يجعل الرُّقية سببًا في شفائه، ولا مانع أيضًا من الذَّهاب به إلى طبيب نفسيٍّ يكشف عن حالته، وكذلك إلى طبيب أخصائي مسالك بوليَّة وتناسليَّة، فحالته لا تحتمل السُّكوت عليها، وكلُّ تأخير في علاجها يزيد حالته سوءً، فالمردود النَّفسيِّ على الرَّجل والمرأة في موضوع ضعف العلاقة الجنسيَّة خطير جدًّا، وهذه المسألة لا خجل فيها ولا حياء، فقد أتت امرأة في عهد النَّبيِّ صلَّى اله عليه وسلَّم تشكو ضعف قدرة زوجها الجنسيَّة، وعدم صبرها على ذلك، ففرَّق بينهما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلو لم يعلم النَّبيَّ الرَّحيم بالمؤمنين حقيقة وخطورة الأمر، لما أمرها أن تردَّ عليه حديقته، وأمره بطلاقها.
ثانيًا: المؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه.
أطلعي من تثقين به من أهلك وأهل زوجك، كي يساعدوك في حل مشكلتك، وخاصَّة من لهم تأثير على زوجك من قريب أو بعيد، فقد يلهم الله واحدًا منهم رأيًا راجحًا، يكون فيه حلٌّ للمشكلة كاملة، أو حلُّ لجزئيَّة ما منها، فما ندم من استخار، ولا خاب من استشار.
ثالثًا: عجزه الجنسي سبب كبره.
لست متأكدا من وصفك له بالكبر، ربما يكون انقباضا من سوء حالته النفسية، والكبر يظهره المتكبر إذا كان به علة، فبقدْر العلة فيه يظهر من الكبر، وما تجدين من قلَّة احترام وتقدير زوجك لك، يعود سببه إلى ذهاب نقطة الارتكاز في الرُّجولة ألا وهي الفحولة من زوجك، ولذا يظهر لك أنَّك أمامه ولا شئ، ولو جلست في بيت أهلك عمرك كله، فلن يلتفت لذلك، ولذلك وجودك في بيت أهلك ليس حلاً للمشكلة، إن كنت راغبة في البقاء معه، بل وجودك معه يساعده في حلِّ ما هو فيه، ولو جلست معه جلسة صفاء ومصارحة، وأشعرتيه بأنَّه رجل طبيعي، وأنَّه تعرَّض لعين قويَّة لا تخاف الله، ثمَّ وصلت في إقناعه لأن يذهب برغبته التامَّة إلى الرَّاقي والطَّبيب يلتمس العلاج من الله بسببهما، فالله وحده الشَّافي والمعافي، ثمَّ احتسبي أجرك وثوابك عند الله، ثمَّ اعلمي أنَّ صبرك على خلق زوجك جزاؤه الجنَّة عند الله تعالى.
رابعًا: توجَّهي إلى الله تعالى.
أوصيك بالدُّعاء خيرًا، فالله بيده مقاليد السَّموات والأرض، وبيده صلاح أمر زوجك، فلا تغفلي عن دعائه جلَّ وعلا في كلِّ وقت وحين، ولو تخيَّرت الأماكن والأزمان الفاضلة فهو أفضل وأحسن لقبول الدُّعاء، واطلبي الدُّعاء لزوجك من صالحي من تعرفين من أهلك وقرابتك، فقمنٌ أن يستجيب الله لك ولهم، فتحصل لكما سعادة الدُّنيا والآخرة.
خامسًا: "وإن يتفرَّقا يغن الله كلاً من سعته".
ليس على الإنسان إلا ما يستطيعه، وقد أوصيتك بالصبر على زوجك فهي شيمة النساء الصالحات ذوات الأصل الطيب والخلق الوفي، فإن وجدت من نفسك أنَّك لست قادرة على المضي مع زوجك وحالته وأن بقاءك معه سيعرضك للفتنة في نفسك أو دينك، فاجعلي آخر العلاج الكي، فالطَّلاق آخر الحلول، والله يتولانا ويتولاك.