10 جمادى الثانية 1434

السؤال

كيف نرد على من يقول بأن نعطي لمن يخالفنا -مهما كان قوله منحرفاُ- حرية التعبير واحتجاجهم بأن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه عندما خرج عليه الخوارج وأرادوا أن يقتلوه وحاولوا نشر فكرهم ... طلب الصحابة من علي أن يأذن لهم بقتالهم فلم يأذن? .. وجزاكم الله خيراً

أجاب عنها:
د. عبدالعزيز العبداللطيف

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
فبعث الله نبيه محمداً بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، فدعا إلى الحق وإلى صراط مستقيم، وحذّر وأنذر من الباطل وسبيل المجرمين، وترك أمته على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك.
ومصطلح « الحرية » و « حرية التعبير » ونحوهما من مصطلحات حادثة، لا تنفك عن إجمال واشتراك، ولابد من استصحاب ملابسات ومناسبات نشأة هذه المصطلحات.
وبالجملة فإن « حرية التعبير » قد يطلق ويراد به معان فاسدة لا يقرّها الشرع المنزل، كمن ينطق بالكفر والردة عن الإسلام، أو من يدعو إلى بدعة وضلالة، أو يجاهر بالفسق والفجور، أو من يتخوّض في دين الله تعالى بمجرد الرأي والظنون.. فلا شك أن هذه معان فاسدة، ومنها ما يكون كفراً، ومنها دون ذلك..
وأما إذا أطلق مصطلح « حرية التعبير » على ما يقرره المجتهد المؤهل في تحرير مسألة فقهيه-مثلاً- وبعلم وعدل، فهذا سائغ، فما زال أهل العلم يختلفون في ذلك، وهم إما مجتهدون مصيبون لهم أجران، أو مجتهدون مخطئون لهم أجر واحد.
وكذا إن أريد بحرية التعبير أن ينشد مظلمة، أو يقدّم نصيحة فهذا مشروع ومطلوب..
وكون مصطلح « حرية التعبير » يقابله القمع والاستبداد وتكميم الأفواه، فهذا لا يغيّر من الحقائق شيئاً، فالبدعة لا ترد بالبدعة، وآفة تكميم الأفواه لا تقابل بحرية التعبير بكل قول ودون لزوم للشرع المنزل.
وأما الاحتجاج على حرية التعبير بقصة علي رضي الله عنه مع الخوارج، فهذا احتجاج في غاية التكلف والضعف، بل يستدل بهذه القصة على فساد الإطلاق بحرية التعبير، فإن علياً رضي الله عنه أرسل إليهم ابن عباس رضي الله عنهما فناظرهم، وبين فساد مذهبهم، حتى رجع شطرهم ثم قاتل علي بقية الخوارج، وسجد لله شكراً على ذلك.
وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.