18 ربيع الأول 1435

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا طالب مبتعث في أمريكا وفي السنة الثانية من الجامعة وعمري ٢١ سنة.
أحمد الله على هدايته حيث جعلني ممن يحفظ من كتابه الكريم وممن يخشاه ويبتغي مرضاته. أنا من عائلة عادية أو "متفتحة" قليلاً. أريد الزواج والستر والاطمئنان والاستقرار وأن أكوّن عائلة لي مسلمة صالحة.. وقد طلبت من والديّ أن يزوجوني لكنهم لا يريدون الآن.. بسبب أني صغير السن، وأني أريد امرأة صالحة وعفيفة تخاف الله؛ فأبي يقول: لا يوجد في مجتمعنا حاليًا صغيرات صالحات يردن الزواج منك.. بسبب شروطك "المستحيلة"!
كما أني طالب لا أملك من المال إلا اليسير، لكنني مؤمن بالله الكريم المنّان القائل: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، ومصدّق بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم.." وذكر منهم "الناكح يريد العفاف". وأعلم أنها مسؤولية كبيرة لكنّي بعون الله قادر عليها وتحملها.
أريد نصيحتكم في هذا الموضوع وعن الزواج المبكر في وقت الدراسة..
وماذا أفعل لكي أقنع والدي؟ وهل الزواج مناسب لي في هذه السن.. أم والدي على حق في نصيحته؟

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي الفاضل في موقع المسلم.. وبارك الله فيك ويسر أمرك ووفقك لما يحبه ويرضاه.
والحمد لله على ما منّ به عليك من خير وهداية وحفظ لكتابه العظيم، وسعي في طلب الخير والعفاف.
مشكلتك تتمثل في رغبتك في الزواج المبكر.. بخلاف رغبة والديك حيث يرون تأجيل ذلك بدعوى صغر السن وندرة شروطك في مواصفات الزوجة الصالحة التي تناسبك سنًّا كذلك.
والحق الذي لا ريب فيه أن الزواج المبكر هو الأفضل، بل الواجب إذا اشتد الداعي له وخشي الإنسان الفتنة، فما البال وأنت شاب مبتعث في بلاد تنتشر فيها مظاهر التبرج والاختلاط؟!
بل إن تعجيل الزواج من أبواب السعادة الكبرى في المجتمعات الإنسانية؛ خصوصا عندما يجد الإنسان المرأة الصالحة التي تعينه على مسيرة الحياة، بخلاف تأخير الزواج الذي يتأخر معه خير كثير من إقامة بيت مسلم وزيادة نسل أمة الخيرية، واكتساب سنوات مبكرة من عمر الإنسان في هذه العلاقة العظيمة وآثارها المباركة.
ولكنك في الوقت نفسه، وقد حباك الله بالصلاح والتديّن، تحتاج لمداراة الوالدين والتلطف في إقناعهم، ومما نسب إلى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أنه (على الوالد إذا وجد سعة أن ييسّر مهر بناته.. وأن يعين أولاده الذكور على الزواج). فاجتهد في إيصال مثل هذا الكلام الطيب وغيره من كلام أهل العلم والطب والفكر، المتعلق بفوائد الزواج المبكر، إلى الوالدين الكريمين؛ فمما ذكر من فوائد تعجيل الزواج: أن الزوجة صغيرة السن يكون عندها خصوبة وقدرة على إنجاب عدد من الأطفال تفوق الأكبر منها، إضافة إلى ما يتحقق للزوجين من الاستقرار والسعادة وراحة البال، والكثير الكثير من الفوائد التي يُجمع عليها الناس.
فاجتهد في إقناع الوالدين بالحكمة والكلمة الطيبة، ومما سيعينك في ذلك إضافة سبب آخر تختص به عن أقرانك ويزيد في أسباب أهمية الزواج في حقك، وهو الابتعاث والغربة!
واجتهد في الوقت نفسه في البحث عن الفتاة الصالحة صاحبة الدين، من بيت صالح طيب، فإذا ظفرت بها؛ تقلصت أساب الرفض لدى والديك بلا شك؛ فمن الواضح أن لديهم تخوّفات وإشكالات لا اعتراضات حقيقية، ويوم تتيسر الأسباب أمامهم سترى من فرحهم وعونهم ما يسرّك ويزيد انشراح صدرك.
فإن تعذر عليك الزواج بكل طريق فاستعفف والزم الصوم وغض البصر ودعاء الله القدير سبحانه عسى أن يجعل لك سبيلا.
كتب الله لك الزوجة الصالحة والذرية الطيبة.. وعَمَر بكم بيتا مسلما صالحا مباركاً.