السؤال
أنا بفضل الله فتاة ملتزمة، ورغم أني أدرس بكلية مختلطة إلا إنني وضعت لي شعاراً بأن لا يدخل أحدٌ قلبي قبل أن يدخل من باب البيت على رضا الله سبحانه، تقدم لي الكثير ولم يحدث قبول لأحد، فتقدم شاب ذو خلق ودين متفوق في دراسته وعمله، كنت فرحة به جدا وهو كذلك، لكن أمي طلبت منه طلبات مادية فوق طاقته، أشعر بتعلق بهذا الشاب، ورغم أنني أقرأ القرآن ومستمرة في حفظه وأدرس علوم شرعية وأقرأ الكتب فإنني لا أضيع وقتي لكن أشعر أن هذا الشاب لا يخرج من تفكيري، أتذكره دائماً خاصة بعد أنه أنهى موضوع التقدم لي بسبب إهانة أمي له لعدم تلبية طلباتها، أشعر بالحزن والاكتئاب لفقدانه.
الجواب
من المؤسف أن كثيراً من العائلات أصبحت تتفاخر بغلو مهور بناتها وتنسى أن الشاب في بداية حياته، فالصغير لن يبقى صغيرا.
بعض الناس يظن أن المهر القليل يقلل من مكانة ابنتهم وكرامتها بين الناس، وبعضهم يظن أن قله المهر يقلل من احترام الزوج لزوجته وينظر إليها نظرة قليلة المستوى، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير النساء أيسرهن مهرا".
إن الابنة هي ضحية هذه الأفكار، بعد رفض أبويها فرصا كثيرة للزواج تقدمت إليها.
على الجانب الآخر كل ما يفرضه الآباء من طلبات فوق طاقة الشباب جعله سببا رئيسا في عزوفهم عن الزواج، والمشكلة تزداد سوءا يوما بعد يوم.
السائلة الكريمة:
أشكر لك فكرك الواعي في حفاظك على نفسك من السير في مهب الرياح الذي تسير فيه كثير من الفتيات بعد دخولهن الجامعة وانجرافهن أمام أفكار المدنية الغربية التي تزيد من بعدهم عن ربهم.
إن هذا الطريق الذي رسمتيه لنفسك لهو أفضل الطريق طاعة إلى الله تعالى وإلى القرب منه سبحانه.
فلا تخافي إن لم يقدر الله لك هذا الزوج فربما يكون ما حدث نتيجة استخارتك، وربما يكون هناك شيء لا تعلمينه عنه لكن الله تعالى يعلمه، لذلك يدخر الله لك خيرا منه، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له". رواه مسلم.
ولا تتخيلي أن إعجابك لهذا الشخص من خلال لقاءين قد يكون أمرا مستحيل النسيان.. أبدا، بل سُمِّي الإنسان إنسانا لكثرة نسيانه.
أما لو أردت محاولة من جديد لفتح شأن هذا الشاب مع والدتك فعليك:
أولا: الحديث إلى والدتك بكل صراحة وحدثيها عن حقيقة رؤيتك تجاهه لكن حاولي قبول نصحها فربما تكون علي حق، فالزواج مسئولية وقدرة ومن لا يملك باءة الزواج فلينتظر حتى يملكها.
فإن قابلتك والدتك بالرفض فلا تعاندي معها وعامليها بالحسنى وحاولي البحث عن أحد الأقارب ممن تحبهم أمك وتحترم رأيهم واطلبي منهم التدخل في الحوار معها لإقناعها بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وليذكرونها بألا تهتم بالمظاهر وأن تهتم بالجوهر الأصيل، لأن الله تعالى لا ينظر إلى الصور والأموال، وإنما ينظر إلى القلوب والأعمال، فالعبرة في الخصال لا الأشكال.