16 شوال 1437

السؤال

نحن زوجان منذ اثني عشرة عاماً، يبلغ الزوج من العمر أربعة وثلاثين عاماً، والزوجة اثنين وثلاثين عاماً، ولدينا ولد يبلغ من العمر ثمانية سنوات جاء بعد أربع سنوات من الزواج، حملت الزوجة مرة ثانية ولكن كان الحمل خارج الرحم وتم استئصال الأنبوب الأيمن، حاولنا عمل تلقيح مجهري (أطفال أنابيب) لكن لم يأذن الله تعالى لنا، نحن زوجان بيننا محبة كبيرة، لكن حياتنا لا تخلو من المشكلات التي توجد في أي بيت.
الزوج الآن يرغب في الزواج من امرأة ثانية طلبا للولد، وعندما أخبر الزوجة بذلك لم تقبل لهذا الأمر لحبها الشديد لزوجها، وخوفها من تبعات هذا الزواج نفسيا واجتماعيا وأسريا، وخوفها على بيتها وعلى نفسها، والآن لا يوجد عندها مانع معروف من الحمل وكلما تناقشنا في موضوع الزواج الآخر زاد الحوار شدة ولم نخرج بشيء، فتوصلنا إلى ضرورة مشاركة طرف خارجي في حل مشكلتنا..

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

ما أتعس الحياة بين الزوجين دون مودة ورحمة لقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: من الآية21]، هذه المودة نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، وللأسف فقد لا يعرف البعض قدرها ولا قيمتها.
السائل الكريم:
لا أعيب عليك قرارك في الزواج بأخرى، فهذا أمر أحله الله تعالى للزوج، وهو مباح لك إن كان لديك شروطه، لكن دعنا نتحدث عن الموقف تربويا واجتماعيا ونفسيا مع تقييمه واقعيا:
أولا: يلزمك أن ترى من نفسك القدرة على شرطي الزواج الثاني وهما القدرة والعدل، فالقدرة هي مؤونة الزواج وإمكانية القيام بحقوق الزوجات، والعدل هو العدل بين الزوجتين.
ثانيا: إذا أردت استمرار المودة بينك وبين زوجتك الأولى فيجب أن تبدأ زواجك الثاني بإقناعها بهذه الخطوة، وإلا انقلب بيتك الأول جحيما ونارا وصار ركاما، وبدلا من بحثك عن السعادة من زواجك الثاني فإذا بك ترى نفسك تهدم البيت الأول، فماذا عساك تكون قد كسبت عندئذ؟!
ثالثا: أرجو أن يتسع صدرك لما قد تجده من رفض زوجتك الأولى لزواجك الثاني وحزنها وألمها، فإن حبها الشديد لك وارتباطها بك يمنعها من الموافقة على زواجك، إذ تشعر بأنك ستتركها وتهملها، وبأن شريكا آخر سيستحوذ عليك وربما سيجعلك أسيرا عنده، أضف إلى ذلك تأثيرات وسائل الإعلام العلمانية التي صورت لكل امرأة أن الزوجة الثانية شيطان مريد، إضافة لما ينقل يوميا من أخبار عن خراب بيوت كثيرة بعد التعدد، فافسح لها صدرك وأزل شبهاتها وبدد مخاوفها أولا.
رابعا: يجب أن تكون صادقا مع نفسك بوضوح، هل تريد هذا الزواج من أجل الولد أم من أجل الزواج ذاته، فقد تتزوج ولا ترزق أيضا بالولد، وأنت بالفعل قد رزقك الله بالولد، والباب لا يزال مفتوحا، وقد يرزقك بآخر، فنحن جميعا نعلم أناسا كثيرين جدا رزقهم الله بالولد بعد سنين، وبغير أي تدخل طبي، وقد يبارك الله سبحانه لك في ولدك فيصير صالحا خيرا من عشرة أولاد، أما لو هدفك هو محض الزواج فادعوك للتفكر في شأنك بعد انقضاء أيام الزواج الأولى وابتداء التبعات الأسرية والحقوق المادية والمعنوية وحقوق العدل بين الزوجات، فيجب أن تفكر واقعيا قبل الإقدام على الخطوة، يجب أن تدرس الواقع جيدا، وكيفية حل المشكلات المتوقعة.
خامسا: أما إن كان سبب زواجك كراهية لزوجتك الأولى، أو لتقصيرها في حقوقك، ومع عدم رغبتك في الإضرار بها، وفاء لها، فليكن حديثك معها بوضوح، ويجب عليك إخبارها أنك تريد الزواج بأخرى مع الإبقاء عليها، حتى لا تضرها بطلاق، وتخيرها بكل وضوح، وتوضح لها أنه إذا تم الزواج الثاني سوف تكون تحت رعايتك معززة مكرمة وافية الحقوق قائمة العدل بين البيتين.
السائل الكريم.. أمر أخير أحب أن أوضحه ربما يغفل عنه الكثير من الرجال الراغبين في التعدد، أن الزوجة التي شاركت زوجها أفراحه وأحزانه وظلت معه في آلامه قبل آماله، لتنتظر لحظات الوفاء منه، ولحظات العطاء منه، وأنها ترى زواجه الثاني نقضا لذلك وبداية لحياة تعيسة تملؤها منغصات الضرائر، ونيران الغيرة، والحرص من كل امرأة على استغلال الزوج ماديا مع التسابق في ذلك، وعدد ليس بالقليل من النساء اللاتي ذقن ذلك يرون أنهن إنما يعشن مع أزواجهن برابط الأولاد فحسب، نعم كل ذلك خلل، ونرجو ألا يحدث، لكنه واقع.
نعم هناك من وفقه الله في هذه الخطوة، لكن ذلك يتطلب منه أن يصلح نيته لله سبحانه، وأن يكون أهلا لذلك بالقدرة والمؤونة، وأن يتخذ الأسباب لمنع المشكلات فيدرس موقفه جيدا، وان يصبر على الزوجات، وأن يتحلى بالحكمة والعدل.