السؤال
السلام عليكم.. متزوج منذ ١٥ سنة ولدينا أولاد وأحب زوجتي كثيراً.. لكن بعد كثرة طلبات الأبناء حصل تقصير من زوجتي تجاهي.. وصارت تتضايق من طلبي لها للفراش بسبب تعبها.. مما جعلني أفكر بالزواج ولكن لا أستطيع التعدد لمحبتي زوجتي.. ففكرت بزواج المسيار لأنه يناسبني.. وتعاملت مع خطابات وكنت متضايقًا جدًّا من تصرفي ولكن الحاجة ألزمتني.. وفعلا وجدت امرأة تكبرني وتزوجتها ولكن طلقتها بعد أيام لعدم التوافق العاطفي والطبعي.. وبالصدفة علمت زوجتي عن موضوع بحثي عن زوجة فتأثرت وتغيرت للأفضل من ناحية الاهتمام بي وبنفسها وفي علاقتنا الخاصة، ولكن المصيبة أصبحت تشك في وتراقبني وتجد أشياء من بحثي في الماضي فتقلب حياتنا إلى نكد.. وأنا خائف أن تعرف عن زواجي السابق.. وأرغب بإرجاع الثقة بيننا.. أرجو منكم نصحي...!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..ومرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم... وأصلح الله لك شأنك، ووفقك لما يحبه ويرضاه.
مشكلتك أخي تتمثل في استشعارك ما تصفه بأنه تقصير زوجتك في حقك بعد 15 سنة من الزواج بسبب كثرة طلبات الأولاد واحتياجاتهم؛ الأمر الذي أدى لسعيك في زواج المسيار الذي فشل بعد أيام قلائل لعدم التوافق!
أخي الكريم..
أقدر معاناتك واحتياجك لقرب زوجتك واهتمامها بجانبك؛ فهذا حق لك لا ريب فيه.
لكني – لا أخفيك – أقدر كثيرا في الوقت نفسه هذه الزوجة الرائعة التي استطاعت بعد عِشرة خمسة عشر عاما.. أن تحافظ على حبك وتقديرك لها كما تصف بنفسك؛ فإن هذا لا يتأتى إلا بصفات ومحاسن ظلت تروي هذا الحب في قلبك وتتعاهده.
أما الشكوى من الانشغال بالأولاد أو كثرة طلباتهم كما تصف.. فلا أراها إلا حالة تستوجب المزيد من الثناء على هذه الزوجة الكريمة والإشفاق عليها؛ فوالله ما أشغلها عنك إلا فلذات أكبادك وثمرة فؤادك!
أخي الكريم:
إن الذي تذكره غير مستغرب، وحين ألتمس لك بعض العذر في افتقادك بعض اهتمام زوجتك.. فإني في الوقت نفسه ألتمس لها كثيرا من العذر، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة للغاية من عمر الزواج وأعمار الأولاد!
فأما عمر الزواج.. فعشرة كبيرة جميلة جعلتها تطمئن لجانبك وتأنس لحسن تقديرك لما تمر به من جهد الرعاية والتربية المتواصل الدؤوب، فلا يكاد يخطر ببالها أنك تستشعر منها التقصير، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة للغاية من عمر الزواج وأعمار الأولاد! وإن كان هذا لا يعفيها (كزوجة لبيبة تعي مكانة الزوج وحقه) من أن تبذل جهدا آخر في جانبك، أو على الأقل تصارحك – إذا غُلبت - بأن كثرة الأعباء ترهقها وتؤثر عليها رغم حرصها على القيام بحقك.
وأما أعمار الأولاد.. فمرحلة حرجة ودقيقة في كل بيت.. فمنهم - حسبما يبدو لي – المراهق الذي يحتاج لعناية خاصة ودقيقة في تفهم نفسيته، والصغير الذي يحتاج لمزيد قرب ورعاية، وربما الرضيع الملازم لحضن أمه؛ فالشأن يختلف عمن لديهم طفل أو طفلان صغيران!
ولعلي أهمس في أذنك – أخي - وأنت قائد البيت الفطن.. بأنك حتى إذا لم تجد المصارحة والتلطف بالاعتذار من جهة الزوجة؛ فلتكن منك أنت المبادرة بعبارات ملؤها الحب والتقدير تشهد لها فيها بما تبذل من عطاء الأمومة وتثني عليها بأنها نعم الوالدة الرؤوم لفلذات أكبادكما.. وأنكما في الوقت نفسه بحاجة إلى لحظات السكن والمودة بما لا يقل عن حاجة الأولاد للرعاية، وأن شيئا من التنظيم والترتيب للجهد والوقت من شأنه أن يجمع بين الرعايتين، بعون الله تعالى... ونحو هذا الكلام الطيب.
أخي الكريم
ثم لا يفوتني أن ألفت انتباهك إلى ما كشفت عنه تجربتك الفاشلة مع زواج المسيار؛ من تعجّل غريب من جانبك، وكأن الحياة الزوجية تنتهي عند أول محطة للظروف العارضة.. ليكون الحل الفوري هو اللجوء لطرف آخر!
ولا شك أن كثرة المواقع والجهات التي تتطوع بتسهيل هذه الصور الشائكة للزواج.. عليها كفل كبير من أمثال هذه التجارب الفاشلة، ولهذا كذلك لما أسيء استعماله من قبَل كثيرين كان لبعض كبار العلماء موقف منه، ومن أبرز هؤلاء الشيخان عبد العزيز بن باز والعثيمين رحمهما الله (انظر: الإسلام سؤال وجواب – للشيخ المنجد).
وبعيدا عن المعترك الفقهي في هذا الشأن.. وهذه التجربة البائسة فيه..
أود أخي الكريم أن أشد على يديك بأن تبدأ عهدا جديدا تجاه أسرتك المباركة؛ حيث ألمس من عباراتك الحب والتقدير للزوجة والأولاد، فليكن للمصارحة نصيب.. وللصبر الجميل نصيب.. ولإعانة زوجتك الكريمة وتذكيرها والأخذ بيدها للتوازن بين الأعباء نصيب أوفر من المقاربة والتسديد.
ولعل من المفيد للغاية أن تضعا خطة فعلية (مكتوبة) تتعاهدانها وتتعاونان في تنفيذها.. لضبط أوقات الليل والنهار واحتياجات الأولاد ومواعيد النوم والراحة؛ ليكون لكما وسط ذلك وقتكما الخاص الطيب المبارك في ظلال الأنس والسعادة.
ولا تنس أخي التواصي بدعاء الله جل وعلا أن يؤلف بينكما ويصلح لكما شأنكما كله ويفيض عليكم وذريتكم من توفيقه وبركاته.