22 رمضان 1438

السؤال

هل ورد حديث أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرون؟

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فظواهر النصوص تدل على عدم تعيين ليلة القدر بليلة محددة ، والأقرب أنها متنقلة ؛ لأن ليلة القدر هي التي ينزل الله فيها المقادير إلى السماء الدنيا في كل سنة ، وهذه المقادير تنزل متنقلة في ليلة من ليالي الأوتار من العشر ؛ فإذا أُنزلت فيها فهي ليلة القدر وقال تعالى : "أنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم"، وإذا ثبت هذا فلا يمنع أن يقال إن القرآن نزل تلك السنة في الليلة التي أنزلت فيها المقادير ؛ فلا يحتج بنزول القرآن فيها على ثباتها ؛ لصدق نزوله فيها سنتئذ.
والأدلة من السنة على عدم تعيينها ظاهرة ؛ حيث نصت على الالتماس والتحري ، وكذلك ما جاء في بعض هذه النصوص من أن العلم بها في إحدى السنوات قد رفع بسبب جدال رجلين فيها ، وهذا بالقطع لا يكون لليلة معينة.
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد مرفوعا : "..فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر" .
وثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عمر قال : رأى رجلٌ أنَّ ليلةَ القدرِ ليلة سبعٍ وعشرين . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : "أرى رؤياكم في العشرِ الأواخرِ فاطلبُوها في الوترِ منها" فلو كانت هي ليلة القدر في كل سنة لعلَّمَها هذا الرجل ؛ لاسيما وقد نص هذا الرجل في رؤياه على ليلة سبع وعشرين ، ولو كانت معلومة لكان الإخبار بها من أعظم العلم الذي يحرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تبليغه .
وصح من حديث عَائِشَة قَالَت: " قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن علمت أَي لَيْلَة لَيْلَة الْقدر مَا أَقُول فِيهَا؟ قَالَ: "قولي: اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو كريم تحب العفو فاعف عني" رواه أصحاب السنن؛ فأقرها صلى الله عليه وسلم على قولها بعدم العلم بها.
وأما حديث معاوية المرفوع في ذلك فهو معلول.
وأما جاء عن أبي بن كعب من الجزم بأنها سبع وعشرون فهو رأي منه بناه على علاماتها؛ كما هو ظاهر في سياق حديثه ، وهو معارض برأي بن مسعود رضي الله عنه بالقول بعدم التحديد ، كما أنه معارض بترك عامة الصحابة لتطلبها بالعلم المنقول ؛ إذْ لو كانت محددة لما تركوا تعلمها ؛ وهو أيضا معارض بسكوتهم عن ظواهر النصوص المذكورة بعدم العلم بها .
فلنجتهد في تحريها بالعمل والعبادة ، أسأل الله أن يجعلنا ممن أصاب ليلة القدر فقامها إيمانا واحتسابا.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.