أبناؤنا والصلاة
29 رمضان 1435
د. خالد رُوشه

تبقى شكوى الآباء والأمهات من عدم انتظام أبنائهم في الصلاة قائمة , وتبقى مزعجة لكل والد مخافة أن يكبر ابنه بعيدا عن الصلاة أو مستهينا بقدرها خصوصا مع علمه بقدر الصلاة وعظم مقامها والعقوبة الشديدة التي تنتظر المتهاون فيها . والمنهج التربوي النبوي قد اولى اهتماما واضحا بصلاة الابناء وطرائق تعليمهم إياها وطرائق المتابعة لإنجاح تربيتهم على الصلاة وتعويدهم على الانتظام والخشوع فيها . واعتمد المنهج الإسلامي فيما يخص أداء الصلاة بالابتداء بترسيخ معاني الإيمان أولا , ومعاني العقيدة الإيمانية و ومعاني تعظيم الله سبحانه وحبه عز وجل والسعي إلى الصلة بين العبد وبين ربه . كذلك راعى النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الصلاة أن يرسخ حبها في قلوب اصحابه , فلم يكن يأمرهم بالصلاة أمرا جافا أو يجعل عبادة الصلاة في نفوسهم عبادة تؤدى بحركات جوفاء , بل كان يعلمهم حبها والتلذذ بأدائها , والرغبة في الانتظام عليها , والشعور بالوحشة عند تأخيرها , فكان يقول لبلال رضي الله عنه " ارحنا بها يابلال " ويقول : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " , بل إنه صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه :" وجعلت قرة عيني في الصلاة " النسائي . والقدوة العملية التطبيقية في الصلاة لها كبير الاثر في نفوس الابناء , فانتظام الوالدين في الصلاة في أول وقتها وحرص الاب على الصلاة في المساجد يقر في ذاكرة الطفل أهميتها ويعظم قدرها في قلبه . كذلك فكثرة الصلاة في البيت , سواء أكان بالليل أو بالنهار يترك اثره الإيجابي على الأبناء , خصوصا إذا خصص الوالدان مكانا للصلاة , قال صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً"مسلم , وقال : "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً". متفق عليه ويجب أن يهتم المربون بمعاني الطهارة التي هي شرط في الصلاة , ويعمقون في قلوب ابنائهم أن الطهارة داخلية وخارجية فالأولى سلامة القلب والنفس والثانية طهارة البدن بالغسل والوضوء , وأثر ذلك في الدنيا والآخرة ويجب أن يكون حديث الابوين عن الصلاة حديثا شيقا فيذكر فيه نماذج حسنة تشجع على الصلاة , وكيفية الخشوع فيها وأهمية ذلك الخشوع والثواب المترتب على ذلك . وبالطبع لسنا بكل ما سبق وغيره من الاساليب والطرق نسعى لمجرد انتظام روتيني للابن في صلاته , بل إن ذلك إن حدث سيكون ناقصا للغاية , بل علينا التأكيد على كونها عبادة محببة لأهل الإيمان وأنها صلة بين العبد وربه وأنها دقائق لتفريغ الشحنات السلبية التي يحملها المرء اثناء دورة الحياة و فيتوب فيها إلى الله ويعود إليه , ويبث إليه شكواه ويناجيه بآماله ورجاءاته . ولا ينبغي على الوالدين أن يغفلا عن الدعاء لابنهما بتحبيبه في الصلاة , كما عليهم ألا يملوا أو يكلوا في البحث عن الوسائل والطرائق لتقريب الصلاة إلى قلوب ابنائهم اقتداء بأنبياء الله الكرام عليهم السلام , قال سبحانه :" واذكر في الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ". واقتداء بأمر الله سبحانه :" وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " ..