أنت هنا

18 ذو الحجه 1435
الرياض - المسلم

وجّه عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك، عدة نصائح إلى من وفقهم الله لحج بيته الحرام هذا العام؛ من أجل الثبات على الطاعة بعد أداء الفريضة، وطرق المحافظة على ثمرة الحج.

 

وقال فضيلته رداً على تساؤل ورده عبر حسابه في “تويتر” بهذا الشأن:

 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الاستقامة على دين الله بعد الإيمان بالله، هي فعل كلِّ ما يستطيعه العبد مما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وترك جميع مناهي الله ورسوله: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)، وهذه حقيقة التقوى، وهذا واجبٌ على العبد ما دام حياً وعقله حاضراً، فإن العبودية لله بطاعته لا تسقط عن العبد إلا بالموت، أو زوال العقل، وسواء قبل الحج أو بعد الحج، كما قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، وقد وعد الله من أقبل على طاعته وجهاد نفسه في ذات الله أن يمده بالثبات والهداية، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66) وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً).
   
وللاستقامة أسباب منها:

الإقبال على كتاب الله تلاوة وتدبراً، وهذا أعظم أسباب الاستقامة، كما قال سبحانه: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، وقال سبحانه: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)، ومن ذلك تدبر قصص الأنبياء في القرآن، كما قال سبحانه: (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ).

 

التفكر في أسماء الله الحسنى وصفاته، فإن ذلك يثمر خشيته والمسارعة لمراضيه، والمجانبة لأسباب سخطه، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، وقال سبحانه: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)، وقال: (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ).
القراءة في كتب السنة.

 

القراءة في الكتب التي تصف سير الصالحين من العُبَّاد والعلماء.

 

مجالسة الصالحين خاصةً من عنده علم تستفيد منه، قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الآية.

 

مجانبة مجالس من لا تنتفع منه في دينك، ولا ترجو أجراً في مخالطته.

 

ترك الفضول من الأمور التي يتقاضاها الطبع، وهي فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول الاستماع، وفضول الطعام، وفضول النوم، وفضول المخالطة، وقد سبقت الإشارة إليه، والمراد بالفضول ما زاد على الحاجة. ويعين على ذلك كله أمران:

 

الأول: التوجه إلى الله بسؤاله الثبات والاستقامة على دينه، كما جاء في دعاء الراسخين: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي يكثر منه: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

 

الثاني: مجاهدة النفس والصبر والمصابرة؛ حتى تنقاد النفس وتستقيم على الطريق، وكذلك لا ننسى أنه يجب الإعراض عن كل الوسائل التي جدَّت في هذا العصر، وضل بها كثير من الناس بسوء الاستعمال، ففي تلك الوسائل أنواع من الباطل من حرام وفضول، كوسائل الإعلام، وما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي، وأسأل الله أن يمنَّ عليَّ وعليك بالاستقامة على دينه، وصلى الله وسلم على محمد.